الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

ما الذي يجعل الزجاج شفافاً ؟


هل سبق وشاهدت كيف يتم بناء المنازل وكيف يتم وضع الأساسات ومن ثم بناء الجدران مع عمل فتحات لنوافذ المنزل؟ نوافذ المنزل تجعله أكثر إشراقاً ودفئاً بسبب سماحهم للضوء بالدخول، ولكن لماذا يجب أن تكون هذه النوافذ شفافة بشكل أكبر من الخشب المحيط بها؟ ففي النهاية كلا المادتين (الزجاج والخشب) يعدان من المواد الصلبة وكلاهما يمنع الأمطار والثلوج والرياح من دخول المنزل. ربما قد سمعت أو قرأت محاولة بعض الأشخاص لتفسير هذا بالقول بأنّ الخشب هو مادة صلبة حقيقية، بينما الزجاج هو سائل لزج للغاية، ومن ثم يتابعون قولهم بأنّ الذرات في الزجاج تكون متباعدة عن بعضها مشكلة فراغات، وهذه الفراغات تسمح للضوء بعبور الزجاج.



الزجاج، في الحقيقة، ليس سائلاً بل هو عبارة عن نوع خاص من المواد الصلبة المعروفة باسم المادة الصلبة اللابلورية Amorphous Solid. تعتبر هذه حالة من حالات المادة التي تكون فيها الذرات والجزيئات حبيسة المكان، وبدلاً من أن تنتظم بشكل بلوري أنيق، فإنّها ترتب نفسها بشكل عشوائي. ونتيجة لذلك، فإنّ الزجاج من الناحية الميكانيكية صلب مثل المواد الصلبة ويمتلك الترتيب غير المنتظم للجزيئات كما هو الحال في السوائل. المواد الصلبة اللابورية تتشكل عندما تنصهر مادة صلبة عند درجة حرارة عالية ومن ثم يتم تبريدها بشكل سريع، وتعرف هذه العملية بتسقية المعدن Quenching (عملية التبريد السريع للقطعة).
يشبه الزجاج السيراميك في نواحٍ كثيرة، فهو يمتلك جميع خواص السيراميك، مثل، المتانة والقوة والهشاشة، بالإضافة إلى المقاومة الكهربائية والحرارية العاليتين وقلة فعالية التفاعل الكيميائي. يمتلك الزجاج الأوكسيد Oxide glass، مثل الزجاج التجاري المستخدم في الصحون الزجاجية والحاويات والمصابيح الكهربائية، خاصية هامة أخرى وهي الشفافية لمجموعة من الأطوال الموجية المعروفة باسم الضوء المرئي. ولمعرفة السبب يجب علينا أن نلقي نظرة أقرب على البنية الذرية للزجاج وأن نفهم ماذا يحصل عندما يتفاعل الفوتون مع هذه البنية.
يقول الالكترون للفوتون إنّك لا تثيرني:
لنتذكر أولاً بأنّ الإلكترونات تحيط نواة الذرة وتشغل مستويات طاقية مختلفة، وللانتقال إلى من سوية طاقية أدنى إلى سوية طاقية أعلى يجب على الالكترون أن يكتسب طاقة. وبشكل معاكس فإنّ الانتقال من سوية طاقية أعلى إلى سوية طاقية أدنى فإنّ الالكترون يصدر طاقة. في كلا الحالتين، يمكن أن يكسب أو يصدر الالكترون الطاقة في حزم منفصلة.
الآن لنتخيل بأنّ الفوتون يتحرك ويتفاعل مع مادة صلبة، فإنّنا سوف نكون أمام أحد الاحتمالات الثالثة:
المادة تمتص الفوتون: يحدث هذا عندما يقوم الفوتون بإعطاء طاقته للالكترون الموجود في المادة. يصبح الالكترون، في هذه الحالة، قادراً على الانتقال إلى سوية طاقية أعلى، بينما يختفي الفوتون.
المادة تعكس الفوتون: لكي يتم ذلك يقوم الفوتون بإعطاء طاقته للمادة، ولكن يتم انبعاث فوتون ذو طاقة متطابقة.
المادة تسمح للفوتون بالمرور دون أي تغيير: وهذا ما نسميه بالنفوذية Transmission وتحصل بسبب عدم تفاعل الفوتون مع أي الكترون وتابع رحلته إلى أن تفاعل مع شيء آخر.
بالعودة إلى موضوع الزجاج، فإنّه بالطبع يندرج تحت الاحتمال الثالث. فالفوتونات تمر من خلال المواد لأنهم لا يملكون الطاقة الكافية لإثارة الكترون الزجاج لسوية طاقة أعلى. يتحدث الفيزيائيون أحياناً عن هذا الموضوع من خلال نظرية الحزمة Band Theory، والتي تقول بأنّ سويات الطاقة تتواجد سوية مع بعضها البعض في منطقة تدعى حزم الطاقة Energy Bands. يتواجد بين هذه الحزم مناطق تدعى بفجوات الحزمة Band Gaps، وضمن هذه الفجوات لا توجد سويات طاقة من أجل الالكترونات. تمتلك بعض المواد فجوات حزم أكبر من غيرها. يعد الزجاج واحد من هذه المواد، هذا يعني بأنّ الكترونات الزجاج تحتاج إلى طاقة أعلى قبل أن تستطيع الانتقال من حزم طاقة إلى أخرى والعودة مرة أخرى إلى مكانها. وببساطة فإنّ الفوتونات لا تمتلك أيضاً الطاقة الكافية للانتقال، ونتيجة لذلك، فإنّ فوتونات الضوء المرئي (الأطوال الموجية تتراوح بين 400-700 نانومتر) تقوم بالمرور خلال الزجاج عوضاً أن يتم امتصاصها أو انعكاسها وهذا ما يجعل الزجاج شفافاً. تبدأ الفوتونات ضمن أطوال موجية أصغير من أطوال أمواج الضوء المرئي بامتلاك طاقة كافية لنقل الكترونات الزجاج من حزمة طاقة إلى أخرى. وعلى سبيل المثال، لا تستطيع الأشعة فوق البنفسجية (ذات الأطوال الموجية المتراوحة بين 10-400 نانومتر) النفاذ خلال معظم الزجاج الأوكسيد. وهذا ما يجعل النافذة، وأيضاً تلك الموجودة في منزلنا الافتراضي، عاتمة للأشعة فوق البنفسجية كما هو الخشب للضوء المرئي.
المصدر:
العربي : الكيمياء العربي
الاجنبي :
Harris, William. (19 June 2000). What makes glass transparent?. HowStuffWorks.com. Retrieved from: http://science.howstuffworks.com/question404.htm

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: