يحتاج البشر للأوكسجين للتنفس، ولكنهم أحياناً يحتاجون تركيزات أعلى من 21 بالمئة والتي تمثل نسبة الأوكسجين الموجود بالهواء عادة. كان الأوكسجين الإضافي دائماً مقروناً بجرات أوكسجين ثقيلة ومرهقة، ولكن الآن هناك مادة بلورية جديدة قد تغير هذا الشيء.
ترأست كريستين مكنزي Christine McKenzie من جامعة جنوب الدنمارك University of Southern Denmark الفريق الذي قام بتطوير المادة والتي باستطاعتها امتصاص وتخزين الأوكسجين على مستويات أعلى بـ 160 مرة من الهواء. الدراسة تم نشرها في مجلة العلم الكيميائي Chemical Science.
قرابة العشر ليترات ( 2.6 جالونات) من المادة تستطيع سحب كل الأوكسجين من الغرفة. المادة تلتقط الأوكسجين إلى حين تسمح لها الأحوال البيئية، مثل الحرارة أو الضغط المنخفض، إلى إعادة إطلاق الأوكسجين من جديد. هذا يتشابه مع طريقة عمل الهيموغلوبين Hemoglobin في مجرى الدم، حيث يتم إلتقاط الأوكسجين من الرئة و يعاد إطلاقه في المكان الذي يحتاج إليه. يستطيع الباحثون بهذه الطريقة إنتزاع الأوكسجين حسب الطلب، ولكن الأحوال البيئية تؤثر طبعاً في الكمية التي تستطيع المادة امتصاصها.
تقول مكنزي Mckenzie: “من الجوانب المهمة لهذه المادة هو أنها لا تتفاعل بشكل غير رجعي مع الأوكسجين، مع العلم أنها تمتصه بشكل كيميائي-إلتصاقي انتقائي”، وتتابع بقولها: “المادة هي بنفس الوقت مستشعر وخزان للأوكسجين- نستطيع استخدامها لإلتقاط وتخزين ونقل الأوكسجين- مثل هيموغلوبين صلب اصطناعي.”
مثلما يحتاج الهيموغلوبين للحديد حتى يعمل، تحتاج هذه المادة لمعدن لإلتقاط الأوكسجين. الفريق استخدم معدن الكوبالت Cobalt المنسق بطريقة خاصة لإنشاء جزيء باستطاعته إلتقاط غاز الأوكسجين.
تشرح مكنزي بقولها: “الكوبالت Cobalt يعطي المادة الجديدة البنية الجزيئية والإلكترونية المناسبة لجعلها قادرة على امتصاص الأوكسجين من محيطها.” وتتابع “هذه الآلية معروفة من قبل جميع المخلوقات التي تتنفس على وجه الأرض: يستخدم البشر وعدة حيوانات أخرى الحديد، بينما تستخدم حيوانات أخرى، مثل السلطعون والعنكبوت، النحاس. تعتبر كميات قليلة من المعادن مهمة لامتصاص الأوكسجين، لذلك ليس من المفاجئ أن نرى هذا الأثر في مادتنا الجديدة.”
هناك آثار عديدة لهذا البحث. حيث يمكن استخدامه للمساعدة في التمثيل الضوئي الإصطناعي Artificial Photosynthesis أو لتصنيع أنواع جديدة من خلايا الوقود Fuel Cells. الاستخدام الأكبر والأوضح سيكون لتأمين الأوكسجين للغطاسين أو للذين يحتاجونه لأسباب طبية، ما يؤدي لتخفيض عبء الجرات التقليدية.
تقول مكنزي: “من الممكن أن يكون هذا ذو قيمة لمرضى الرئة الذين هم مجبورون على حمل جرات الأوكسجين الثقيلة معهم. ولكن سيتكمن الغطاسون أيضاً في يوم من الأيام من ترك جرات الأوكسجين في المنزل و الإستحصال، كحل بديل، على الأوكسجين من هذه المادة التي تقوم “بتنقية” وتركيز الأوكسجين من الهواء المحيط أو حتى الماء.” وتتابع حديثها: “حبيبات قليلة تحتوي على أوكسجين كافٍ لنفس واحد، وفي الوقت الذي تستطيع المادة امتصاص الأوكسجين من الماء المحيط بالغطاس وتزويده به، لن يحتاج الغطاس لجلب اكثر من تلك الحبيبات القليلة.”
المصدر: الكيمياء العربي