نظريات التعلم والتعليم هي مجموعة من النظريات التي تم وضعها في بدايات القرن العشرين الميلادي وبقي العمل على تطويرها حتى وقتنا الراهن وأول المدارس الفلسفية التي اهتمت بنظريات التعلم والتعليم كانت المدرسة السلوكية رغم أن بوادر نظريات مشابهة بُدأ العمل بها في المرحلة ما قبل السلوكية.
النظرية السلوكية
النشأة
ظهرت المدرسة السلوكية سنة 1912 م في الولايات المتحدة الأميركية، ومن أشهر مؤسسيها جون واطسون.
من مرتكزات النظرية التمركز حول مفهوم السلوك من خلال علاقته بعلم النفس، والاعتماد على القياس التجريبي، وعدم الاهتمام بما هو تجريدي غير قابل للملاحظة والقياس..
طبيعة ومفاهيم النظرية الإجرائية
- السلوك: يعرفه بورهوس فريدريك سكينر بأنه مجموعة استجابات ناتجة عن مثيرات المحيط الخارجي القريب. وهو إما أن يتم دعمه وتعزيزه فيتقوى حدوثه في المستقبل أو لا يتلقى دعما فيقل احتمال حدوثه في المستقبل.
- المثير والاستجابة: تغير السلوك هو نتيجة واستجابة لمثير خارجي.
- التعزيز والعقاب: من خلال تجارب إدوارد لي ثورندايك يبدو أن تلقي التحسينات والمكافآت بصفة عامة يدعم السلوك ويثبته، في حين أن العقاب ينتقص من الاستجابة وبالتالي من تدعيم وتثبيت السلوك.
- التعلم: هو عملية تغير شبه دائم في سلوك الفرد .
بعض المبادئ في النظرية الإجرائية
- من تجارب المتعلم وتغيرات استجابته.
- التعلم مرتبط بالنتائج.
- التعلم يرتبط بالسلوك الإجرائي الذي نريد بناءه.
- التعلم يُبنى بدعم وتعزيز الأداءات القريبة من السلوك
النظرية السلوكية
إن أفكار بورهوس فريدريك سكينر وأطروحاته، قد أحدثت عدة تغييرات في التفكير التربوي والبيداغوجي بصفة عامة. فسكينر يعتبر مثلا أن الطفل في البيداغوجيا الكلاسيكية كان يتعلم لينجو من العقاب، مع غياب كل أشكال الدعم.
المضمون المعرفي
- محدد الإثارة: كل مضمون معرفي يقدم للتلميذ لابد أن تتوفر فيه شروط قادرة على إثارة الاهتمام والميول والحوافز.
- محدد العرض النسقي للمادة: ومعناه تفكيك وتقسيم المادة وفق وقائع ومعطيات، مع ضبط العلاقات بين مكوناتها، ثم تقديمها وفق تسلسل متدرج ومتكامل.
- محدد التناسب والتكيف: إن المادة المقدمة للتلميذ يجب أن تتناسب ومستوى نموه من جميع النواحي.
- محدد التعزيز الفوري: كلما تم سفيان الاستجابات الإجرائية الايجابية عند المتعلم كلما وقع التعلم بسرعة أكبر.
نظرية التعلم الجشطلتية
ظهرت المدرسة الجشطلتية على يد ماكس فريتمر، كورت كوفكا وبافولف جالج كوهلر هؤلاء العلماء المؤسسون رفضوا ما جاءت به المدرسة الميكانيكية الترابطية من أفكار حول النفس الإنسانية. فقاموا بإحلال المدرسة الجشطلتية محل المدرسة الميكانيكية الترابطية، وجعلوا من مواضيع دراستهم: سيكولوجيا التفكير ومشاكل المعرفة...
المفاهيم الجشطلتية
- الجشطلتة بوشبشوب رر: هو أصل التسمية لهذه المدرسة، ويعني كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام، بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة، ومع الكل ذاته من جهة أخرى. فكل عنصر أو جزء من الجشطلت له مكانته ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل
- البنية: تتكون من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية تحكمها ديناميا ووظيفيا.
- الاستبصار: كل ما من شأنه اكتساب الفهم من حيث فهم كل الأبعاد ومعرفة الترابطات بين الأجزاء وضبطها.
- التنظيم: تحدد سيكولوجيا التعلم الجشطلتية القاعدة التنظيمية لموضوع التعلم التي تتحكم في البنية.
- إعادة التنظيم: ينبغي أثناء التعلم العمل على إعادة الهيكلة والتنظيم نحو تجاوز أشكال الغموض والتناقضات ليحل محلها الاستبصار والفهم الحقيقي.
- الانتقال: تعميم التعلم على مواقف مشابهة في البنية الأصلية ومختلفة في أشكال التمظهر.
- الدافعية الأصلية: تعزيز التعلم ينبغي أن يكون نابعا من الداخل.
- الفهم والمعنى: يتحقق التعلم عند تحقق الفهم الذي هو مشف استبصاري لمعنى الجشطلت، أي كشف جميع العلاقات المرتبطة بالموضوع، والانتقال من الغموض إلى الوضوح.
التعلم والنظرية الجشطلتية
نظرة المدرسة الجشطلتية للتعلم تختلف عن نظرة المدرسة السلوكية، فإذا كانت هذه الأخيرة، وكما سبق ذكره تربط التعلم بالمحاولة والخطأ والتجربة، فالمنظرون للنظرية الجشطلتية يعتبرون أن التجارب على الحيوانات، لا يمكن تطبيقها على الإنسان، وفي هذا الصدد يقول كورت كوفكا :
«يعني في المقام الأول أن لا شيء جديدا يمكن أن يتعلم، هو استبعاد بعض هذه الاستجابات، وتثبيت ما بقي منها، ولكن ليس لهذا السلوك أي غرض أو اتجاه، وعلى الحيوان أن يحاول عبثا... إذ ليس للحيوان أدنى فكرة عن السبب الذي من أجله يتحول سلوكه... إنها تتعلم بطريقة عمياء.»
.
و هكذا دون ذكر كافة انتقادات الجشطلتيين للسلوكيين، فالتعلم حسب وجهة نظر الجشطلتيين يرتبط بإدراك الكائن لذاته ولموقف التعلم، فهم يرون التعليم النموذجي يكون بالإدراك والانتقال من الغموض إلى الوضوح. فكوفكا يرى أن الطفل يكون له سلوك غير منظم تنظيما كافيا، وأن البيئة والمجتمع هو الذي يضمن لهذا السلوك التنظيم المتوخى.
إن العلماء الجشطلتيين يرون أن كل تعلم تحليلي ينبني على الإدراك، وهو أيضا فعل شيء جديد، بالإضافة لإمكانية انتقاله لمواقف تعليمية جديدة الشيء الذي يسهل بقاءه في الذاكرة لزمن طويل...
مبادئ التعلم في النظرية الجشطلتية
نورد بعض مبادئ التعلم حسب وجهة نظر الجشطلت:
- الاستبصار شرط للتعلم الحقيقي.
- إن الفهم وتحقيق الاستبصار يفترض إعادة البنينة.
- التعلم يقترن بالنتائج.
- الانتقال شرط التعلم الحقيقي.
- الحفظ والتطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي.
- الاستبصار حافز قوي، والتعزيز الخارجي عامل سلبي.
النظرية الجشطلتية والتربية
ساهمت نظرية التعلم في تغيير وتطوير السياسات التعليمية والتربوية في عدة دول، وذلك في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي. تحتكم بيداغوجيا الجشطلت من مبدأ الكل قبل الجزء، الشيء الذي يعني إعادة التنظيم والبنية الداخلية لموضوع التعلم.
لقد استفاد الديداكتيك من النظرية الجشطلتية، فأصبح التعليم يبدأ من تقديم الموضوع شموليا، فجزئيا وفق مسطرة الانتقال من الكل إلى الجزء، دون الإخلال بالبنية الداخلية، وفي نفس الوقت تحقيق الاستبصار على كل جزء على حدة.
وهكذا فنظرية الجشطلت ساهمت بحد كبير في صياغة السيكولوجيا المعرفية، وبالخصوص سيكولوجيا حل المشكلات...
نظرية التعلم البنائية
نظرية التعلم البنائية (بالفرنسية: Le Structuralisme) والتي رائدها جان بياجي، نظرية مختلفة عن نظريات التعلم الأخرى. فبياجي يرى أن التعلم يكتسب عن طريق المنبع الخارجي...
المفاهيم الملتصقة بنظرية التعلم البنائية
- مفهوم التكيف: هنا يعتبر غاية التطور النمائي، وهو أيضا عملية الموازنة بين المحيط والجهاز العضوي. الذي يهدف للقضاء على حالات الاضطراب واللاانتظام.بمعني الانسجام والتاقلم بين أفراد الجماعات.
- مفهوم الاستيعاب والتلاؤم: هو مفهوم أخده بياجي من البيولوجيا. فالاستيعاب هو أن تتم عملية دمج المعارف والمهارات ضمن النسيج المعرفي حتى تصبح عادة مألوفة. والتلاؤم هو عملية التغير والتبني الهادفة للحصول على التطابق بين المواقف الذاتية مع مواقف الوسط والبيئة.
- مفهوم التنظيم (بالإنكليزية: organization): دمج المعلومات القديمة للفرد والموجودة في البنية الذهنية مع المعلومات الجديدة التي اكتسبها المتعلم.
- نظرية التعلم البنائية(بالفرنسية: le constructivisme): تعتبر نظرية التعلم البنائية (أو التكوينية) من أهم النظريات التي أحدثت ثورة عميقة في الأدبيات التربوية الحديثة خصوصا مع جان بياجي، الذي حاول أنطلاقا من دراساته المتميزة في علم النفس الطفل النمائي أن يمدنا بعدة مبادئ ومفاهيم معرفية علمية وحديثة طورت الممارسة التربوية. كما أنه طبق النتائج المعرفية لعلم النفس النمائي على مشروعه الابستيمي (الابستمولوجيا التكوينية)، ولمقاربة هذه النظرية البنائية في التعلم سيتم أولا التعرف على أهم المفاهيم المركزية المؤطرة لها، ثم أهم مبادئها، وبعد ذلك سيتم التعرف على الأبعاد التطبيقية لهذه النظرية في حقل التربية.
المفاهيم المركزية لنظرية التعلم البنائية
- مفهوم التكيف: التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي عن طريق استدماجها في مقولات وتحويلات وظيفية، والتكيف هو غاية عملية الموازنة بين الجهاز العضوي ومختلف حالات الاضطراب واللاإنتظام الموضوعية أو المتوقعة والموجود في الواقع، وذلك من خلال آليتي التلاؤم (بالفرنسية: l’accommodation) والاستيعاب (بالفرنسية: l’assimilation):
- التلاؤم هو تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن.
- الاستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات، والملائمة هي تلاؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي.
- مفهوم الموازنة والضبط الذاتي: الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوز الاضطراب، والتوازن هو غاية اتساقه.
- مفهوم السيرورات الإجرائية: إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة وكل أشكال التكيف، تنمو في تلازم جدلي، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية أي الأنشطة العملية الملموسة.
- مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل، عند جان بياجي، ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والأشياء، وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية، كاللغة والتقليد المميز واللعب الرمزي... والرمز يتحدد برابط التشابه بين الدال والمدلول أما التمثل فهو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبا.
- مفهوم خطاطات الفعل: الخطاطة هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعمالا قصديا، وتتناسق الخطاطة مع خطاطات أخرى لتشكل أجزاء للفعل، ثم أنساقا جزيئة لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية. وإن خطاطات الفعل تشكل، كتعلم أولي، ذكاء عمليا هاما، وهو منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطور الحسي ـ الحركي من النمو الذهني.
مبادئ التعلم في النظرية البنائية
من أهم مبادئ التعلم في هذه النظرية: التعلم لا ينفصل عن التطور النمائي للعلاقة بين الذات والموضوع؛ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه؛ الاستدلال شرط لبناء المفهوم، حيث المفهوم يربط العناصر والأشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين الأفعال التي تجري في لحظات مختلفة، وعليه فإن المفهوم لايبنى إلا على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل؛ الخطأ شرط التعلم، إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة؛ الفهم شرط ضروري للتعلم؛ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين؛ التعلم هو تجاوز ونفي للاضطراب.
النظرية البنائية في حقل التربية
حسب جان بياجي التعلم هو شكل من أشكال التكيف من حيث هو توازن بين استيعاب الوقائع ضمن نشاط الذات وتلاؤم خطاطات الاستيعاب مع الوقائع والمعطيات التجريبية باستمرار. فالتعلم هو سيرورة استيعاب الوقائع ذهنيا والتلاؤم معها في نفس الوقت. كما أنه وحسب النظرية البنائية مادام الذكاء العملي الإجرائي يسبق عند الطفل الذكاء الصوري، فإنه لا يمكن بيداغوجيا بناء المفاهيم والعلاقات والتصورات والمعلومات ومنطق القضايا إلا بعد تقعيد هذه البناءات على أسس الذكاء الإجرائي.
وعليه، وحسب بياجي، يجب تبني الضوابط التالية في العمل التربوي والتعليمي: جعل المتعلم يكون المفاهيم ويضبط العلاقات بين الظواهر بدل استقبالها عن طريق التلقين؛ جعل المتعلم يكتسب السيرورات الإجرائية للمواضيع قبل بنائها رمزيا؛ جعل المتعلم يضبط بالمحسوس الأجسام والعلاقات الرياضية، ثم الانتقال به إلى تجريدها عن طريق الاستدلال الاستنباطي؛ يجب تنمية السيرورات الاستدلالية الفرضية الاستنباطية الرياضية بشكل يوازي تطور المراحل النمائية لسنوات التمدرس؛ إكساب المتعلم مناهج وطرائق التعامل مع المشكلات واتجاه المعرفة الاستكشافية عوض الاستظهار؛ تدريبه على التعامل مع الخطأ كخطوة في اتجاه المعرفة الصحيحة؛ اكتساب المتعلم الاقتناع بأهمية التكوين الذاتي.. إلا أن النظرية الحديثة تقول بأن التعلم الحقيقي لن يتم بناء على ما سمعه المتعلم حتى ولو حفظه وكرره أمام المعلم .. وتؤكد النظرية ( البنائية ) الحديثة أن الشخص يبني معلوماته داخليا متأثرا بالبيئة المحيطة به والمجتمع واللغة وأن لكل متعلم طريقة وخصوصية في فهم المعلومة وليس بالضرورة أن تكون كما يريد المعلم … إذن فانهماك المعلم في إرسال المعلومات للمتعلم وتأكيدها وتكرارها لن يكون مجديا في بناء المعلومة كما يريدها في عقل المتعلم
فما هو المطلوب من المعلم في النظرية البنائية ؟
المطلوب من المعلم التركيز على ( تهيئة بيئة التعلم ) و ( المساعدة في الوصول لمصادر التعلم )
إذن فالفرق الجوهري أن النظرية التقليدية تعتبر التعلم هو نقل المعلومات إلى المتعلم فحسب بينما النظرية البنائية تعتبر أن التعلم عند هذه النقطة لم يبدأ بعد وإنما يبدأ بعدها فالتعلم هو ما يحدث بعد وصول المعلومات إلى المتعلم الذي يقوم بصناعة المعنى الشخصي الذاتي الناتج عن المعرفة
وقد حدث على إثر تطبيق هذه النظرية تغير كبير في طرق وأساليب التعليم والتعلم وطرق التدريس وبيئته وكذلك في تقويمه والإشراف عليه
وأخيرا … إليك أسس النظرية البنائية :
1ـ يبني الفرد المعرفة داخل عقله ولا تنتقل إليه مكتملة
2ـ يفسر الفرد ما يستقبله ويبني المعنى بناء على ما لديه من معلومات
3ـ للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد أثر كبير في بناء المعرفة
**************************************************************************
النظريات السلوكية
نظرية الإشراط الكلاسيكي ( بافلوف )
ايفان بافلوف |
الاشراط الكلاسيكي هو أحد المصطلحات المهمة في علم النفس فلسفة السلوك، الذي يصف عملية تعلم عن طريق ما يُعرف بالمثير والاستجابة. بعبارة أخرى تتم دراسة استجابة (رد فعل) الإنسان أو الحيوان على مثير ما وارتباط سلوكه بهذا المثير علما بأن هذه الاستجابة لم تكن ظاهرة قبل الدراسة. ظهر هذا المصطلح على يد العالم الروسي إيفان بافلوف مفاهيم في النظرية:
- ردة فعل- استجابة آلية منذ الولادة (غير مكتسبة) لكائن حي تحدث بعد مثير معين.
- استثارة غير مشروطة- استثارة تظهر بدون شرط ردة فعل
- استجابة غير مشروطة-استجابة بردة فعل تحدث بعد ظهور مثير غير مشترط
- مثير مشروط- مثير حيادي، لم يحدث خلال البحث في الكائن الحي استجابة مشترطة. ولكن بعد ظهور المثير المشترط ينتج ربط ترافقي يثير استجابة مشترطة.
- استجابة مشترطة- استجابة يتم تعلمها خلال مثير اشتراطي. وهي مرتبطة بتجربة الحيوان.
تجربة بافلوف
إيفان بافلوف اكتشف عملية الاشتراط في تجاربه الشهيرة مع الكلاب في نهاية القرن التاسع عشر. فمن المعروف عن الكلب أنه عند تقديم الطعام له يسيل لعابه كرد فعل طبيعي. بافلوف اكتشف أن كلابه يسيل لعابها بمجرد سماعها لصوت أقدامه عند الباب. فاستنتج من ذلك أن الكلاب تربط بين ظهوره والطعام حتى إذا لم يقم بتقديم الطعام لها. بعد هذا الاستنتاج قام بافلوف بإجراء تجارب على الكلاب.
من ثلاث مراحل في المرحلة الأولى أعطى الكلاب طعام وقام بقياس كمية اللعاب في فم الكلاب. فالطعام كان مثير غير مشترط واللعاب كان استجابة غير مشترطة. في المرحلة الثانية قام بإسماع الكلاب صوت جرس قبل تقديم الطعام. كرر بافلوف هذه العملية عدة مرات. في المرحلة الثالثة قام بإسماع الكلاب صوت الجرس بدون تقديم طعام. صوت الجرس وحده تسبب في إسالة لعاب الكلاب توقعا منها أن الطعام قادم. بكلام مبسط، الجرس الذي شكل استثارة مشروطة جاء قبل استثارة غير مشترطة (الطعام) أدى إلى استجابة غير مشروطة (اللعاب). في نهاية التجربة كان الجرس المسبب لاستجابة اشتراطية (اللعاب). في التجربة شكل الطعام استثارة غير مشروطة-ردة فعل طبيعي، فمنذ الولادة يسيل للكلب لعاب وعلى ذلك فاللعاب هو استجابة غير مشروطة.
بافلوف علم الكلب أن يربط بين ظهور الطعام وصوت الجرس- فأنتج رابط بين استثارة غير مشروطة (الطعام) لاستثارة مشروطة (الجرس) تعلم الكلب خلال التجربة أن يسيل لعابه عند سماع صوت الجرس.
فيديو للتجربة
نظرية ثورندايك
ايدوارد ثورندايك |
كانت بدايات ثورندايك في مجال نظريات التعلم والتعليم من خلال أبحاثه التي طرحها في عامي 1913 - 1914 عندما نشر كتابه علم النفس التربوي المؤلف من 3 أجزاء حيث قام فيه بطرح أفكاره الناتجة عن أبحاثه التجريبية والإحصائية وتوضيح مبادئ قوانينه التي اعتمد عليها في وضع نظريته الخاصة فيما يتعلق بطريقة التعلم سواء التعلم الإنساني أو التعلم الحيواني
طريقة البحث لدى ثورندايك
تقوم طريقة ثورندايك في البحث على أساس المشاهدة وحل المشكلات وذلك على النحو التالي:
- ضع الإنسان أو الحيوان في موقف يتطلب حل مشكلة ما. مثل: محاولة الهرب من مكان مغلق
- رتب توجهات الإنسان أو الحيوان أي ردود أفعاله أو استجاباته المتوقعة
- اختر الاستجابة الصحيحة من بين خيارات متعددة
- راقب سلوك الحيوان أو الإنسان
- سجل هذا السلوك في صورة كمية (رقمية) أي باستخدام المقاييس والمعايير
وقد استخدم ثورندايك أسلوبه هذا في تجاربه الأولى على القطط وفي تجاربه أيضا في جامعة هارفرد ومن بين أشهر تجاربه الأولى هي تجربة الإثابة بالحلوى وهي التجربة التي استخدمت فيما بعد على تجارب الاشراط الإجرائي.
القطط وصناديق المتاهة
من بين أهم مساهمات ثورندايك تجاربه على القطط وعن كيفية تعلمها الهروب من صناديق المتاهة التي كان يحبسها فيها بالإضافة إلى صياغته لقانون الأثر (قانون التأثير) [4] (بالإنجليزية: Law of effects) على ضوء أبحاثه التجريبية التي قام بها
حيث نص قانون الأثر لديه على أن الاستجابات التي تليها نتائج مرضية وسترتبط بالوضع والظروف المعنية وبالتالي فإن هذه الاستجابات ستتكرر (على الأرجح) كلما كانت الظروف مشابهة للوضع السابق، وذلك بسبب العلاقة الارتباطية التي نشأت سابقا أما إن أدت الاستجابات إلى نتائج غير مرضية فإنها على الأرجح لن تتكرر نتيجة عدم نشوء العلاقة الارتباطية الآنفة الذكر [5]
وقد جاءت تجارب ثورندايك هذه كردة فعل منه على غيره من الباحثين الذين كانوا يرون أن الحيوانات تستعمل حدسها وبصيرتها في حل مشاكلها وقد قال معلقا على هذا:
” في المركز الأول، إن أغلب الكتب لا تعطينا علمَ نفسٍ، بل تزودنا بقصيدة مدح للحيوانات. كل كتاباتهم كانت عن الذكاء الحيواني ولكنها أبدا لم تكن عن الغباء الحيواني “
وليثبت ثورندايك بأن قططه تتعلم كيفية الهروب من الصناديق وأن هروبها هذا لم يكن بمحض الحدس والبصيرة، فقد قام باستعمال رسوم بيانية تسمى منحى التعلم (بالإنجليزية: learning curves) حيث يتم رسم هذه الرسوم البيانية اعتمادا على الوقت اللازم للقطة للهروب والإفلات من صناديق المتاهة، وقد وضح ثورندايك بأنه لو كانت القطط تعتمد على بصيرتها في حل لغر الصناديق لكانت منحنيات التعلم المتعلقة أظهرت خلا في شكلها ونوعا من عدم الانسجام، إلا أن الرسومات البيانية جاءت منسجمة وموضحة بأن ما تقوم به القطط يعتبر تعلما تدريجيا خاصة وأن المنحنيات كانت تبدي تغيرات تدريجية دالة على ارتفاع في مستوى تعلم القطط لمسألة كيفية الهروب من الصناديق.
قام ثورندايك بجمع ملاحظاته وقدمها وأكد فيها بأن العلاقة الارتباطية بين لغز الصناديق وردود أفعال القطط في كيفية الهروب من الصندوق جاءت معززة في كل تجربة جديدة (أي أظهرت علاقة ارتباطية أقوى) مما يدل على أن الحاصل تعلم وقد تم تبني هذه الفكرة فيما بعد من قبل بورهوس فريدريك سكينر (1904–1990) (بالإنجليزية: Burrhus Frederic Skinner) في أبحاثه عن السلوك وعن التكيف الفعال كما تم الاعتماد على هذا التحليل الترابطي في نظريات السلوك في منتصف القرن الماضي وبقي الاعتماد عليه في نظريات السلوك الحديثة أيضا.
جاءت أفكار ثورندايك متممة لبعض أفكار جون ديوي (1859–1952) (بالإنجليزية: John Dewey) في علم النفس الوظيفي حيث قام بتطوير بعض أفكار ديوي وخرج بنظريته التي سماها الارتباطية والتي أصبحت مطلبا تربويا لخمسين سنة تالية.
قوانين ثورندايك
وضع ثورندايك نظريته الارتباطية والتي رأى من خلالها بأن عملية التعلم تتأثر وتعتمد على ثلاث قوانين رئيسية هي :
- قانون الاستعداد: وهو أول قوانين ثورندايك الأولية وهو مبدأ يعبر عن خصائص الظروف التي تجعل الاستعداد للقيام باستجابة معينة (كيفية الهروب من المتاهة) وفقا لوضع محدد (وضع معين كالحبس في صندوق المتاهة) مرتبط بفكرة الإثابة والعقاب، فالاستجابة تكون مشبعة في الحالة الأولى (الإثابة) وتكون غير مشبعة في الحالة الثانية (العقاب).
- قانون المران (أو التدريب): وهو ثاني القوانين ويرى فيه ثورندايك بأن العلاقة الارتباطية بين الوضع (الحبس في الصندوق) والاستجابة (كيفية الهروب) تقوى كلما تتكررت هذه الاستجابة على ذلك الوضع
- قانون الأثر (الثأثير): ويرى فيه ثورندايك بأن العلاقة الارتباطية بين الوضع والاستجابة تزداد قوتها إذا كانت نتيجة الاستجابة مرضية "ارتباط ذو إشباع" وتضعف قوتها إذا كانت نتيجتها غير مرضية "ارتباط ذو ضيق".
- قانون الاهمال : ويشير إلى إن الارتباطات تضعف نتيجة دم ممارستها واهمالها , ويعيق الاهمال سرة الارتباطات اللازمة لحدوث عملية التعلم وسهولتها , وبموجب هذا القانون فسر ثورندايك النسيان
فيديو للتجربة
تجربة سكنر
بروس فريدريك سكنر |
لقد تعددت تجارب سكنر من أجل بيان الاشتراط الإجرائي واختلفت وكانت بدايتها من صندوق قديم. استخدم سكنر في تجاربه جهاز أطلق عليه الباحثون فيما بعد صندوق سكنر حيث يتألف هذا الجهاز من صندوق زجاجي يوجد به رافعة – عندما يستخدم الفئران في التجربة- وصندوق زجاجي آخر يوجد فيه قرص في الجزء العلوي منه –عندما نستخدم الحمام في التجربة وعلى جانب كل صندوق يوجد مخزن للطعام’ وفي أسفل الصندوق يوجد أسلاك معدنية تستخدم لوصل صدمة كهربائية عندما نكون بصدد دراسة اثر العقاب على السلوك ويتكون الجزء الثاني من الجهاز من لوحة تحكم نتحكم من خلالها بأسلوب التعزيز (يدوي,اتوماتكي). وتقدم الصدمات الكهربائية ونوع جدول التعزيز المستخدم, ولون الإضاءة- ضوء احضر اصفر احمر عندما نريد تعليم الحمامة والفار التمييز بين المثيرات, وإصدار استجابة محددة لضوء معين حيث نستطيع التحكم بلون القرص, ويحتوى على أجزاء وظيفتها الأساسية تسجيل عدد الاستجابات الصادرة عن الحيوان وعدد المرات التي يحصل بها على تعزيز, كما ويحتوي الجهاز على جزء ثالث يسمى السجل التراكمي وظيفته الأساسية تسجيل فترات السكون والتي لا يصدر فيها عن الحيوان داخل الصندوق أية استجابة, كما يقدم لنا معلومات عن قوة الاستجابة. الوقائع التجريبية التجربة الأولى يتم وضع حيوان جائع في الصندوق فإن ضغط الحيوان على الرافعة يظهر له كمية من الطعام وتلعب الرافعة هنا دور المثير الحيادي والذي يضغط عليه الحيوان مصادفة أثناء سلوكه الاستكشافي وتكون هذه الاستجابة أداة لظهور الطعام (المعزز) الذي يقوم بدور مثير جديد يودي إلى صدور الاستجابات الطبيعية وتكون كمية الطعام التي تعطى لا تكفي لإشباع دافع الجوع وعلى ذلك يبقى الحيوان في سلوكه الاستكشافي إلى أن يتعلم استجابة معينة ويشبع الدافع وتقل حركاته العشوائية. التجربة الثانية توضع حمامة بحيث يستطيع المجرب أن يرى مدى ارتفاع رأسها بالنسبة لمسطرة مدرجة معلقة على حائط القفص ويحدد ارتفاع الرأس العادي على المقياس ثم يختار المجرب خطا على المقياس يمثل ارتفاع الرأس الذي يحدث في حالات نادرة و قليلة بعد ذلك يركز المجرب بصرة على المقياس ويقدم طبق الطعام بسرعة (مثير) كلما ارتفع رأس الحمامة فوق الخط المحدد (استجابة).
ويمكن تمثيل السلوك الإجرائي من خلال المخطط التالي:
س ش م ش م ط س ط
(سلوك رفع الرأس) (العلامة)(رؤية طبق الطعام) (تناول الطعام). متغيرات الاشتراط الإجرائي المثيرات والاستجابات (Stimuli and Responses) ينظر إلى السلوك في الاشتراط الإجرائي على انه مكون من وحدات يطلق عليها الاستجابات كما ينظر إلى البيئة على أنها مكونة من وحدات يطلق عليها المثيرات ومن المبادئ الأساسية في الاشتراط الإجرائي أن كثيرا من أنماط السلوك الصادرة عن الكائن الحي ليست بالضرورة موجة منه هو ذاته بواسطة البيئة وما فيه من مثيرات وكذلك فإن كثيرا من المثيرات الخارجية لا تعتبر بالضرورة عوامل دافعة أو منشئية لسلوكه. المثيرات البيئية وتنقسم البيئة إلى عدة مستويات من المثيرات تتضح فيما يلي: المستوى الأول هو المثيرات المستصدرة وهي تتكون من الأحداث البيئية والتي تسبق عادة حدوث الاستجابات وهذه المثيرات تعمل على إنشاء الاستجابات النمطية المحددة نسبيا وهي التي تعرق بأنماط السلوك الاستجابي كما هو الاشتراط البسيط المستوى الثاني المثيرات المعززة أو المعززات وهي التي تتكون من الأحداث البيئة التي عادة تعقب حدوث الاستجابات وتعمل المثيرات المعززة على زيادة احتمال تكرر الاستجابات في سلوك الكائن الحي في المواقف التالية والاستجابات التي تصبح أكثر احتمالا في السلوك التي تعقبها المعززات وهي ما تعرف بالاستجابات الإجرائية المستوى الثالث المثيرات المميزة وهي المثيرات التي تسبق وتصحب الإجراءات ولكنها لا تعمل على إنشائها كما في حالة المثيرات المستصدرة في السلوك الاستجابي إلا أن ظهور بعض هذه المثيرات المميزة في الموقف السلوكي يعمل على زيادة احتمال تكرار الإجراءات التي سبق وتم تعزيزها في وجود مثل هذه المثيرات المستوى الرابع هو ما يعرف بالمثيرات المحايدة وهي كل الأحداث البيئة التي تظهر أثناء الموقف السلوكي ولا يكون لهذه المثيرات أي تأثير على سلوك الكائن الحي سواء كانت سابقة أو مصاحبة, واو لاحقة لحدوث الاستجابات إلا في حالة ارتباط أحد هذه المثيرات بالمثير غير الشرطي كما في الاشتراط البسيط .
فيديو التجربة
مقدمة:
واضع هذه النظرية هو عالم النفس السلوكي الأمريكي أدوين جثري (Edwin Guthrie) (1886-1959)
تعد نظرية أدوين جثري في التعلم إحدى النظريات السلوكية التي تؤكد مبدأ الاقتران في التعلم، أي أنه يؤكد على عملية الاقتران المباشرة بين المثير والاستجابة لمرة واحدة فقط. وأن المثير غير الشرطي في تجربة بافلوف لا لزوم له. وينكر أهمية التعزيز كعامل في تقوية الارتباط الشرطي. بالإضافة إلى أنه لا يرى داع للتكرار كما في الإشراط الكلاسيكي. وقد صاغ جثري مبدأ الاقتران على النحو التالي: "إذا نشط مثير ما, وقت حدوث استجابة معينة, فإن تكرار ظهور هذا المثير يؤدي إلى تكرار حدوث تلك الاستجابة".
يقدم جثري أمثلة كثيرة للتدليل على صحة هذا المبدأ وبساطته, منها أن الطفل الذي عضه الكلب مرة, يتعلم الابتعاد عن الكلاب كلها.
كما أن جثري لا يولي اهتماما لنتائج الاستجابة الظاهرة (نجاح السلوك أو فشله في تحقيق الهدف), وإنما يعنيه في المقام الأول حركات العضلات وأعضاء الجسم وإفرازات المعدة ذات الصلة بإحداث الاستجابة. ومن هنا جاءت دعوته المربين إلى التعليم والتعلم عن طريق العمل (learning by doing). فإذا ربط الطفل بين مثيرات البيئة التعليمية وحركات عضلاته وأعضاء جسده, فإن ذلك يساعده على اكتساب كثير من الخبرات المعرفية والمهارية, التي كثيراً ما يخفق في تعلمها بسبب عدم النجاح في تكوين الارتباطات الشرطية المرغوب فيها بطريقة سليمة. لذا ينبغي على المعلم أن يعمل على التنويع في تقديم المثيرات في البيئة التعليمية, وأن يجعل منها جزءاً غير معزول عن البيئة الاجتماعية.
الافتراضات الرئيسية حول التعلم:
أولاً: يحدث التعلم من خلال الاقتران بين المثيرات والاستجابات لمرة واحدة:
وهذا هو السبب في تسمية نظرية جثري بنظرية الاقتران. وحسب نظريته فإن تعلم أي عمل من أعمال السلوك المعقد هو عملية تشكيل العديد من الارتباطات بين الملامح البيئية "المثيرات" وحركات عضلية معينة "الاستجابات" .
ثانياً: ينطوي التعلم على تعلم الكل أو لا شيء على الإطلاق:
حيث يرفض جثري بشدة فكرة التعلم والإتقان في السلوك من خلال المحاولة والخطأ أو من خلال المران والممارسة؛ فهو يرى أن ليس هناك تعلم يحدث على نحو تدريجي كما هو الحال في نظريات ثورنديك وسكنر وهِل. فالتعلم يحدث دفعة واحدة أو لا يحدث أبداً. ولا يرى جثري أن المسؤول عن تعلم السلوك النهائي هو التدريب أو المران ولكن آخر فعل أو حركة يقوم بها الكائن الحي.
ثالثاً: انطفاء الاستجابة يعني تشكيل ارتباط جديد:
يرى جثري أم محو العادات والارتباطات المتعلمة لا يتضمن التوقف عنها وعدم القيام بها فحسب، وإنما تتضمن عملية إحلال أو إبدال لمثل هذه الارتباطات من حيث أن عادة أو رابطة جديدة وإنما تتضمن عملية إحلال أو إبدال لمثل هذه الارتباطات من حيث أن عادة أو رابطة جديدة تحل مكانها. وبهذا المنظور يرى أن النسيان يحدث عند الأفراد بسبب وجود خبرات جديدة تكف الخبرات السابقة, وهو ما يسمى بمبدأ الكف الرجعي.
رابعاً: التعزيز ليس ضرورياً لحدوث التعلم:
خلافاً لما أكده كل من ثورنديك وسكنر وهل حول أثر التعزيز في التعلم، نجد أن جثري يؤكد أن التعزيز أو المكافأة ليس عنصراً حاسماً وأساسياً في عمليات التعلم؛ إذ أن الاقتران الزمني كافٍ لوحده لتقوية الارتباط والاحتفاظ به.
خامساً: الدافعية هي حالة إثارة داخلية دائمة:
يرى جثري أن الحالات النفسية للكائن تتألف من مثيرات داخلية قد تبقى طوال أداء عمل ما حتى تحدث استجابة ختامية ما. فالحفاظ على المثيرات يزال في النهاية بفعل الاستجابات التي تثيرها تلك المثيرات ذاتها. ففي حال العطش, تتألف مثيرات تحافظ على الاستجابة حتى يتم استهلاك الماء.
سادساً: العقاب لا يعمل على قمع الاستجابات أو إضعافها بل يعمل على إحداث نوع جديد من التعلم:
فعند عقاب الفرد على سلوك ما، فإن العقاب حسب وجهة نظر جثري لا يؤدي إلى محو هذا السلوك عند ذلك الفرد ولكن
يؤدي إلى تعلم استجابة جديدة تجنباً لهذا العقاب. فالعقاب يعمل على إحداث تعلم سلوك جديد مخالف للسلوك المعاقب، بحيث يحل السلوك الجديد محل السلوك القديم في الارتباط مع المثيرات ذات العلاقة.
سابعاً: يلعب الانتباه دوراً هاماً في اختيار الاستجابة.
اعترف جثري بالدور النشط الذي يلعبه الكائن في اختيار المثيرات المتاحة.
تعديل العادات وإطفاؤها:
إن أهم ما اشتهر به جثري في المجال التطبيقي تمكنه من إيجاد طرائق ناجعة في محاربة العادات السيئة. تقوم هذه الطرائق على اكتشاف المثيرات التي تستدعي الاستجابة غير السوية, ثم إيجاد طريقة لجعل استجابة أخرى سوية تصدر حين تظهر هذه المثيرات, مما يساعد على حدوث الاستجابة الجديدة في المرة القادمة التي تنشط فيها هذه المثيرات.
استطاع جثري إيجاد ثلاث طرائق لتغيير العادات السلوكية غير السوية, أو ما أطلق عليه بكسر العادات (The Breaking of Habits), وهذه الطرائق هي:
نقد النظرية:
1. يرى جثري في مبدأ الاقتران مبدأً جامعاً شاملاً يفسر بالاعتماد عليه سائر أنماط السلوك. ولكن الإنسان في مواقف التعلم يقوم بإصدار عدد غير قليل من الاستجابات في كل موقف, فاي الاستجابات ستقترن بالموقف المثير وستميل أكثر من سواها إلى الحدوث إذا ما تكرر الموقف ذاته في المستقبل؟؟ إن الإجابة الوحيدة التي سيقدمها جثري لهذا السؤال هي : الاستجابة الأخيرة هي التي ستتكرر. وهذا ما ليس صحيح دائماً.
2. نفى جثري أهمية التكرار في التعلم, وعدم الحاجة إليه إطلاقاً عندما يقتصر التعلم على مجرد حدث أو حركة واحدة في الموقف السلوكي من ناحية, ومن ناحية أخرى إلى تأكيده في الوقت نفسه على ضرورة التكرار كشرط لا بد منه في تكوين العادات وتكاملها, نظراً لان العادات تركيبات معقدة من أنماط ثابتة نسبياً من الحركات, مما يتطلب تكوين قدر كبير من الارتباطات الشرطية. إن هذا الموقف من مسألة التكرار أصبح نقطة ضعف مميزة في نظرية جثري, مما حد من إمكان الاستفادة منها في مواقف التعلم المدرسية. لأن الاستفادة منها عملياً يقتضي تكرار المواقف التعليمية وفق الصورة نفسها التي حدثت بها في المرة الأولى, وهذا أمر لا يمكن تحقيقه أبداً.
المراجع:
1. الزغول, عماد: نظريات التعلم. دار الشروق, عمان- الأردن, 2003م.
2. منصور, علي: التعلم ونظرياته. مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية, منشورات جامعة تشرين, اللاذقية, 1421هـ-2001م.
3. غازدا, جورج وآخرون: نظريات التعلم دراسة مقارنة. عالم المعرفة, الكويت, 1407هـ- 1986م. سلسلة عالم المعرفة, العدد 108.
فيديو التجربة
النظريات المجالية ( المعرفية )
تجارب كوهلر :
صمم بعض التجارب على الشمبانزي وفي هذه التجارب كانت جميع عناصر المشكلة واضحة وظاهرة للحيوان ، وكانت الحركات المطلوبة والمؤيدة للحل في مستوى قدرة الحيوان ، وبالرغم من ذلك فقد أقر كوهلر ضرورة وجود عائق ، فإن الحيوان يجب أن يضطر أن يأخذ طريقا ملتويا حتى يصل إلى هدفه ، ولكن كوهلر يراعي مع هذا أن يستطيع الحيوان منذ البداية أن يطوف بالمجال كله ، حتى يستطيع أن إذا كانت لديه قوة الاستبصار ، أن يحل المشكلة من غير حاجة إلى عناء المحاولة والخطأ .
والمسألة هي ما إذا كان الحيوان أن يستطيع أن يدرك العلاقة بينها ويصل إلى الهدف ...
" إننا لا نتكلم عن السلوك كما لو كان هو الذكاء عندما يهدف الإنسان أو الحيوان إلى الوصول إلى غرضه عن الطريق المباشر الذي يحدث بصورة طبيعية وظاهرة ، وإنما نميل إلى الكلام عن الذكاء عندما يضطر الإنسان أو الحيوان _ نظرا لسد الطريق الموصل إلى الهدف _ إلى اتخاذ طرق أخرى ملتفة تلائم الظروف الجديدة وتوصله إلى الهدف ...
وفيما يلي عرض لبعض أنواع هذه التجارب
التجربة الأولى :
وضع الشمبانزي في القفص ، وكان الطعام ( موزة ) معاتمة في سقف القفص بحيث لا يمكن الوصول إليه مباشرة وفي ركن القفص وضع الصندوق .. أخذ الشمبانزي ينظر إلى الفاكهة ويحاول الوصول إليها بمد يده بالوثب ولكنه فشل ثم أخذ ينتظر من ركن إلأى ركن في حيرة . وأخيرا لا حظ الصندوق فنظر إليه ونظر إلى الموزة فوقه ووصل إلى هدفه ، بد أن الحيوان في هذه التجربة أدرك العلاقة بين الصندوق وإمكان الوصول إلى الموزة ..
التجربة الثانية :
وضع كوهلر داخل القفص عصاتين قصيرتين لا تكفي الواحدة منهما لجذب الطعام ، وإنما يمكن إدخال أحدهما في طرف الأخرى لعمل عصا طويلة ، وقد أجرى كوهلر تجربته هذه على أذكى حيواناته ( وهو الشمبانزي سلطان ) إلا أنه لم يستطع أن يحل المشكلة بسهولة ، بل استغرق وقتا طويلا في محاولات بائسة في جذب الطعام باستخدام إحدى العصوين وفي فترة من فترات الراحة جلس ( سلطان )على صندوق داخل القفص وأخذ يلعب بالعصوين ويحركهما ، وأثناء لعبه وضع إحداهما في طرف الأخرى وبمجرد أن وجد الحيوان نفسه وبيده عصا طويلة قفز من مكانه بسرعة ، واستعمل العصا الطويلة في جذب الموزة ونجح في ذلك
ويلاحظ هنا أن الحيوان لا بد أنه أدرك العلاقة بين العصوين وأن إحداهما لا تكفي للوصول إلى الطعام ، هذا الادراك ينبني بلا شك على فهم للموقف وإدراك العلاقة بين أجزائه
خلاصة تجارب كوهلر :
أولا : أن الوصول إلى الحل يأتي يأتي فجأة نتيجة مايسمى بالاستبصار .
ثانيا : أن الاستبصار يعتمد على ادراك وتنظيم أجزاء الموقف .
ثالثا : متى ما توصل الحيوان إلى الحل عن طريق الاستبصار فإنه يمكنه أن يكرره بسهولة .
رابعا : أن الحل الذي يصل إليه الحيوان عن طريق الاستبصار يمكن أن يطبق في المواقف الجديدة.
فيديو التجربة
نظرية فرتيمر :
اهتم فرتيمر بدراسة التعلم عند الانسان ، واعتمد في دراسته لهذه العملية على نفس الأسس التي أخذت بها مدرسة الجشطلت ، ويرى بالمثل أنها تخضع لقوانين التنظيم الادراكي ،
وفرتيمر ينظر إلى التعلم على أنه عملية ديناميكية تتحول فيها المشكلة من موقف مضطرب ناقص التكوين إلى موقف آخر ذي تكوين أفضل ..
وفيما يلي نوع من التجارب التي قام بها فرتيمر للتعرف على طبيعة عملية التعلم وتفسير هذه العملية :
( ساعد فرتيمر مجموعة من الأطفال على فهم الطريقة المعتادة لتعيين مساحة المستطيل ، وكيف تنتج من الطبيعة الأساسية للشكل) .. وذلك بتقسيم الطول والعرض عن طريق أعمدة رأسية وأفقية إلى عدد من المربعات الصغيرة المتساوية ، وبذلك تصبح مساحة الشكل مساوية للمجموع الكلي لعدد الأعمدة الرأسية المشتمل كل منها على عدد من المربعات الصغيرة يمثل العرض ، وبعد أن تعرف الأطفال على طريقة تعيين مساحة المستطيل طلب منهم فرتيمر مساحة متوازي الأضلاع ، وانتظر فرتيمر ليرى ماسيفعله الأطفال ، من بين المجموعات قالت طفلة " أنا لا أعرف تماما مالذي يمكن عمله " إن الأمر السئ هنا ( وأشارت إلى الجزء الأيمن ) ثم فجأة قالت " هل أجد مقصا " ؟؟ إن الشيء السئ هنا هو الذي نحتاجه هناك ، إنه ملائم تماما " ثم عملت قطعا رأسيا خلال متوازي الأضلاع ، وحولت الجزء الأيسر حول الشكل ووضعته على الطرف الأيمن فتحول إلى شكل مستطيل أمكن إيجاد مساحته بعد ذلك بالطرقة المعتادة ..
وفسر فرتيمر وصول الطفلة إلى الحل في هذه التجربة بأنها عرفت أن الأعمدة المتكونة من مربعات صغيرة لا يمكن عملها بسبب الخطوط المائلة في الشكل وأدركت أن الشكل لا بد وأن يتحول بطريقة ما إلى مستطيل لكي يمكن ايجاد مساحته ثم وصلت إلى الحل فجأة بعد استبصرت الموقف .
لايتوفر فيديو
نظرية المجال ليفين
كيرت ليفين |
مقدمه عن المنظر:
كيرت ليفين ولد في روسيا، وتعلم في جامعة ميونج وجامعة برلين، وحصل على الدكتوراه عام 1914م، وقد خدم في الجيش الألماني، ثم عاد إلى برلين وعين أستاذ لعلم النفس عام 1926م، ثم رحل إلى أمريكا وعمل في جامعة أيوا،.
ونرى العالم (ليفين) وعمله أن الذين عرفوا (ليفين) يقولون أنه كان إنساناً يتصف بالحماسة العقلية والجاذبية، وأنه كان رجلاً ودوداً قريباً من طلابه الذين ترك من خلالهم أثراً لا يمحى في علم النفس الاجتماعي، وكان متحمساً لا يعرف كيف يتوقف حين يشرح أو في مناقشته، ولعل هذا الطبع والإنهاك الجسدي الذي أدى إليه مسؤولان عن موته المبكر في عمر الـ75 على إثر نوبة قلبية فقد كان (ليفين) باحثاً عظيماً يعترف أقوى منتقديه بإبداعه في هذا المجال، وأكثر ما عرف به هو تطويره لنظام سيكولوجي يركز على مسألة التحريض عرف باسم نظرية المجال (حمصي، 1986، 258
وقد اتجهت جهود ليفين المبكرة إلى مسائل التحريض لدى الفرد، وهو ما أدى به إلى الاهتمام بمسائل تنظيم الشخصية. أما جهوده المتأخرة فقد توجهت بصورة أساسية إلى متنوعات من مسائل علم النفس الاجتماعي بما في ذلك تأسيسه لحركة ديناميكيات الجماعة ومساعدته في تنمية البحث الفعال (أي البحث الموجه لإحداث تغيرات اجتماعية)، وقد تأثرت نظرية المجال بنظرية المناسب، فإدراك الفرد للصفات الفيزيائية هو الذي يحدد كيفية
وقد عبر (ليفين) أفضل تعبير عن علاقته بسيكولوجية الجشطالت في قوله ضمن رسالة موجهة إلى كوهلد: "لقد بذلت جهدي الأسطورة القائلة أن الجشطالتيا لا يهاجم آخر"، وهكذا كان ليفين يصف جشطالتي إن صح التعبير، ولعله كان يحس بانتمائه إلى الجشطالتين حين ينتقدهم (حمصي، 1986، 259).
مؤلفاته:
ـ صاحب كتاب الديناميه الشخصيه
ـ له كتابات متعدده في علم النفس الاجتماعي
ـ وله كتابات ومقالات في علم النفس الطبولوجي
ـ وله كتابات نظريه واعمال تجريبيه كثيره
أبرز ليفين مفهومين أساسيين:
– مفهوم الطبولوجي:
هو نوع من الهندسة اللاكمية أو اللامقدارية، وبهذا أدخل مفهوم الرياضيات في علم النفس، باعتبار أن الرياضيات هي اللغة الأصلية للبحث العلمي والطوبولوجيا لتعني الخريطة المكانية التي يصور فيها ليفين الشخص بمكان ما، ويرسم فيها الحدود التي يتعامل من خلالها.
- مفهوم الهودولوجي:
ويعني بهذا المفهوم الطاقة الطاقة التي تحدد المسارات داخل الشخصية، أي دينامية الشخص. (داود وآخرون، 1991، 184).
خلفية النظريه:
والفكرة الأساسية في هذه النظرية أن إدراك موضوع ما يحدده المجال الإدراكي الكلي الذي يوجد فيه، وأن الكل ليس مجرد مجموع الأجزاء وأن الجزء يتحدد بطبيعة الكل، وأن الأجزاء تتكامل في وحدات كلية (الزيادي والخطيب، 1990، 49).
والنظرية المجالية مأخوذة عن علم الفيزياء، وهذا المفهوم (المجال) بدأ مع ظهور مدرسة الجشطالت، ورغم انتمائه لمدرسة الجشطالت في بداية حياته العلمية إلا أن نظريته تختلف عن نظرية الجشطالت، حيث ليفين يركز على (الحاجات، الإرادة، الشخصية، العوامل الاجتماعية) في الوقت الذي تركز فيه الجشطالت على (الإدراك، التعلم، التكوينات الفسيولوجية في شرح الإنسان) ويعتبر توجه (ليفين) في علم النفس توجهاً اجتماعياً، بل قال صراحة أن علم النفس هو علم اجتماعي، وركز في عمله هو وأتباعه على دراسة السلوك كدالة للموقف الفيزيقي والاجتماعي (ملحم، 2001، 142).
وتؤكد أيضاً نظرية المجال على فكرة مجال الحياة عندما تشعر يوماً بأنك في ضيق لسبب ما، فإن ذلك جزء من مجال حياتك وما تفكر فيه لا يمكن رؤيته على أنه مفتاح الحقيقة، هنا… وكيف تشعر وتتصرف؟ يعتبر ذلك من العوامل الأولية فإذا تصرفت تصرفاً يتم على خوف من رئيس العمل يعد هذا بمجالك النفسي. ويرى (ليفين) أنه عندما يكون لدى الفرد هدف فإنه غالباً ما يعتقد في الوسائل المساعدة على تحقيقه أو الحصول عليه، وماذا يؤدي شيء ما،
وتؤكد (نظرية المجال) التي نادى بها (ليفين) أن السلوك هو وظيفة المجال الذي يوجد في وقت حدوث السلوك، ونتيجة لقوى دينامية محركة ويبدأ التحليل بالموقف ككل ومن الموقف الكلي تتمايز الأجزاء المكونة. ويؤكد (ليفين) أهمية قوى المجال الدينامية التي تسهم في تحديد السلوك ويعرف المجال بأنه نتاج الوقائع الموجودة معاً والتي تدرك على أنها تعتمد بعضها على البعض الآخر (مرسي،
مفاهيم النظرية:
أ – الشخص: وهو كائن له حدود داخل المجال الخارجي وحدوده الخارجية الجلد، وله خاصتان خاصية الفصل عن المجال والوصل مع المجال
والشخص هو كيان محدد محدود داخل المجال الخارجي الأكبر منه، والشخص له خاصيتان، هما (الفصل) عن المجال و(الوصل) مع المجال، وبمعنى آخر (التكامل).
ب- المجال النفسي: يوجد الشخص في مجال نفسي أو بيئة نفسية خارج حدوده، ويحدث تفاعل بين الشخص ومجاله النفسي، وهما، أي الشخص والمجال النفسي، يعتمدان على بعضهما البعض داخل حيز الحياة .
والمجال في العلوم الطبيعية نجد مجال المغناطيس في علم الفلك لا نعرف حركة الكوكب إلا من خلال المجال الذي يدور فيه الكوكب، وفي مجال السلوك الإنساني نجد أن التلميذ في المدرسة يتحدد سلوكه من خلال علاقته بزملائه ومدرسيه وخبراته السابقة ويختلف سلوك تلميذ عن آخر في نفس الموقف، نتيجة اختلاف المجال الحيوي لكل منهما، وحادثة طرد تلميذ من الصف لا تؤثر على التلميذ نفسه فحسب ولكن تؤثر على عدد من التلاميذ، فقد يؤثر الموقف بالغضب لدى البعض ولا يؤثر على البعض الآخر .
وهناك مجالان أحدهما موضوعي، والآخر نفسي، وهما ما يلي:
- المجال النفسي: وهو البيئة النفسية التي يوجد بها الشخص فيؤثر بها ويتأثر بها، وهو عبارة عن محصلة عوامل مختلفة من القوى الفسيولوجية والبيئة والتي تحدد سلوك الفرد في وقت معين.
- المجال الموضوعي: وهو البيئة الموضوعية المادية والتي قد تدخل في مجال الفرد السلوكي، وقد تخرج على مجاله السلوكي والنفسي وهي لا تؤثر على الفرد بطرق مباشرة، ولكن قد تؤثر بطرق غير مباشرة، فالشخص يوجد حوله مجال مادي موضوعي مثلاً (جدران ، أثاث، درجة حرارة، بشر…الخ)، ومن الأمثلة: إذا شعرت بالحرارة إذن فهي في مجالك النفسي وإذا لم تشعر بها فهي خارج مجالك النفسي، وإذا انجذبت لصوت ما واستمتعت إليه فهو في مجالك النفسي وإذا انزعجت منه فهو في مجالك، وإذا لم تركز عليه فهو خارج مجالك .
وعند وجود الشخص في مجال نفسي أو بيئة نفسية خارج حدوده، ويحدث تفاعل بين الشخص ومجاله النفسي، وهما - أي الشخص ومجاله النفسي - يعتمدان بعضهما على البعض الآخر داخل حيز الحياة.
وخلاصة ما يريد قوله (ليفين) في المجال، إن المجال الحيوي النفسي يتضمن كل تجارب الفرد الناتجة من احتكاكه مع الوسط الذي يعيش فيه وإن دراسة هذا المجال مطلب سيكولوجي يعين على فهم السلوك الإنساني ومعرفة أسبابه ودوافعه، وعلى كل معالج أن يدرس المجال الحيوي للفرد وما به من قوى ومؤثرات حتى يحسن فهمه وتحليل سلوكه ومساعدته في اكتساب الخبرات المرغوب فيها ومساعدته في التخلص من المواقف غير المرغوب
فيها
ج- الوقائـع: إذا أحد الطلبة دخل القاعة والأستاذ يحاضر فهذا الطالب يعتبر واقعة أثرت على المجال، فالمجال به وقائع ضمن المناطق .
د- المناطق : يقسم المجال الكلي إلى مناطق وتحتوي كل منطقة على وقائع فتكون واقعة ضمن منطقة ضمن مجال، فالعمل واللعب واقعتان في مجال، فالفرد يرغب في اللعب والمذاكرة في وقت واحد .
هـ- الحـدث: ينتج الحدث عن طريق حدوث اتصال بين المناطق حيث تتصل المناطق عن طريق الاتصال بين الوقائع فينتج الحدث، مثال ذلك: شخص ما واقعة – كتاب واقعه ينتج عن التقائهم حدث شخص + كتاب قراءة (حدث).
طالب متأخر + أستاذ في القاعة انزعاج.
ويتوقف الاتصال بين المناطق على عاملين هما:
- البعد والقرب من الهدف.
- المرونة والتصلب بين الشخص والهدف.
ومعنى ذلك أن الحدود بين المناطق قد تكون قابلة للنفاذية بدرجة كبيرة، وقد تكون جامدة مقاومة للنفاذية، ويتأثر مدى الاتصال، وبالتالي التأثير المتبادل بين حيز الحياة والعالم الخارجي بصلابة أو ضعف الحدود الفاصلة بينهما… فإذا كانت الحدود صعبة النفاذية كان الاتصال والتأثير المتبادل صعباً وضئيلاً، ويكون الشخص متوقعاً ومنعزلاً داخل مجاله النفسي واتصاله بالواقع المادي ضئيل كما في حالة الفصام، وإذا كانت الحدود سهلة النفاذية كان الاتصال والتأثير المتبادل سهلاً ووثيقاً، وعلى ذلك فإن الواقع النفسي يتغير دائماً ومن ثم فإن (ليفين) لا يثق في السمات الثابتة أو العادات الجامدة في الشخصية .
و- الواقعية: الواقعية هي حركة فعلية، بينما اللاواقعية هي حركة فعلية، بينما اللاواقعية هي حركة خيالية، يعني أنا أمشي حركة واقعية، أنا أتخيل المشي حركة خيالية
ز- الحركة والاتصال : من الخواص الهامة للمجال النفسي أنه يحدث بداخله حركة واتصال دائماً من وإلى وبين المناطق المختلفة وتحدث الحركة والاتصال كنتاج للتفاعل بين الوقائع وقد علق ليفين على هذا اسم (مبدأ الارتباط) .
ح- حيز الحياة : هو المجال النفسي الكلي الذي يحتوي على مجموع الوقائع الممكنة التي تحدد سلوك الفرد في وقت محدد مثل حاجاته وخبراته وإمكانيات سلوكه كما يدركه، أي أن السلوك هو وظيفة حيز الحياة ويحيط بحيز الحياة
وحيز الحياة هو المجال النفسي الكلي الذي يحتوي مجموع الوقائع الممكنة التي تحدد سلوك الشخص في وقت محدد مثل حاجاته وخبراته وإمكانات سلوكه كما يدركه، أي أن الشخص هو وظيفة حيز الحياة .
ويعتبر (ليفين) أن حيز الحياة ليس مفهوماً ثابتاً، بل مفهوماً ديناميكياً يتغير باستمرار كنتيجة للتغيرات الحادثة في حالات التوتر الداخلي للفرد وخبرته، بالإضافة إلى التغيرات الحادثة في البيئة ولذلك هي تفهم سلوك الفرد في موقف ما وفي لحظة معينة، فعلينا أن نصف حيز الحياة بـ(البيئة السيكولوجية).
ويرى (ليفين) أن مفهوم الحيز يتضمن:
أ- الأهداف التي يسعى الفرد إلى تحقيقها.
ب- الأهداف السالبة التي يحاول الفرد تجنبها.
ج- العوائق التي تقيد حركة الفرد داخل نطاق الحيز الذي تحويه الطرق أو المسارات التي يجب على الفرد أن يتبعها لكي يصل إلى الأهداف التي ينبغي عليه تحقيقها والتي تمثل الغاية من السلوك.
ويعتبر (ليفن) مفهوم الحيز الحي من المفاهيم المعقدة نوعاً ما، وهو يشتمل على الفرد نفسه وبيئته الذاتية والتي تشمل كل ما يؤثر على سلوكه والهدف الذي يسعى إليه والقوى الإيجابية التي تحفزه للهدف والسلبيات التي عليه تجنبها والصعاب والعراقيل أمام تحقيق هدفه والطرق التي تمكنه من الوصول للغاية
ط- الزمن أو البعد الزمني:
يذكر (ليفين) أن السلوك لا يتأثر بالماضي، ويقرر أن الوقائع الحاضرة وحدها هي التي تستطيع أن تحدث سلوكاً حاضراً، أما الوقائع الماضية فلا تؤثر في الحاضر، فوقائع الطفولة لا تؤثر على سلوك الراشد ما لم يضل وجودها مؤثراً طوال مرحلة النمو من الطفولة إلى الرشد وعلى ذلك فإن اتجاهات الشخص ومشاعره وأفكاره الباقية عن الماضي والحاضر وآمال المستقبل قد يكون لها تأثير على سلوكه الحاضر، ولذا فإنه يجب تمثيل الحاضر بوصفه محتوياً على الماضي والمستقبل النفسي (
والبعد الزمني يعني أيضاً أن اتجاهات الشخص ومشاعره وأفكاره عن الماضي والحاضر قد يكون لها تأثير ملموس في سلوكه، فقد تكون آمال المستقبل أكثر أهمية لدى الشخص من مصاعب الحاضر، كما أن الماضي قد يلقي ضلالاً قاتمة على الحاضر، ولذلك
ومن خلال ما سبق، يتضح للباحث أن ما يريد تأكيده (ليفين) أن الحيز الحيوي يختلف عن الحيز الجغرافي الذي يعيش فيه الفرد أو الحيز الطبيعي الذي يحيط به، فهو يعني العالم الذي يدركه وليس العالم الذي يحيط به. وأيضاً يستشف الباحث أن الحيز الحي هو مفهوم من المفاهيم المعقدة نوعاً ما، وهو يشتمل على الفرد نفسه وبيئته الذاتية والتي تشمل كل ما يؤخذ على سلوكه وأيضاً سلوك الفرد نتاج تفاعل بين ذات الفرد وبيئته عن طريق الإدراك، أي أن الحيز الحي هو البيئة كما يدركها الفرد، وأيضاً الحيز الحي عند الطفل ينتقل من اللاواقعي إلى الواقعي، أما في البعد الزمني فينتقل من الاهتمام بالحاضر إلى الاهتمام بالماضي والمستقبل.
ويحدد (ليفين) بعض المفاهيم الرئيسية في دينامية الشخصة، وهي:
1- الطاقـة:
الشخص نظام معقد من الطاقة كما يفترض ليفين، والطاقة التي تقوم بالأعمال النفسية هي (الطاقة النفسية)، وهي غير الطاقات الأخرى، فعندما تطرأ على الشخص حالة انعدام التوازن، فإن الطاقة النفسية تنطلق عندما يحاول الجهاز النفسي (الشخص) العودة إلى التوازن .
2- التوتــر:
والتوتر أيضاً حالة الشخص نتيجة نقص التوازن ويتوقف عبور التوتر إلى المناطق الأخرى على صلابة وضعف الحدود بين المناطق .
3- الحاجـة:
والحاجة كما يرى (ليفن) شعور المرء بأنه ينقصه شيء أو يلزمه شيء
ويؤكد (ليفين) أن حاجات الشخص تحددها إلى حد كبير العوامل الاجتماعية، فالحاجة تطلق القوة وتزيد التوتر وتعطي القيمة، إنها المفهوم الرئيسي أو المركزي الذي تنظم حوله المفاهيم الأخرى .
4 – القيمـة:
ويقصد بها قيمة منطقة في المجال النفسي عند الشخص، وهناك نوعان من القيمة، قيمة إيجابية وقيمة سلبية والمنطقة التي يضفي عليها الشخص قيمة إيجابية هي التي تحتوي على موضوع يخفض التوتر مثل المنطقة التي تحتوي على طعام بالنسبة للشخص الجائع، أما المنطقة التي يضفي عليها الشخص قيمة سلبية فهي التي تحتوي على موضوع يزيد التوتر ويهدد بالأذى مثل المنطقة التي تحتوي على حيوان مخيف بالنسبة للشخص .
5- القوة الموجهة:
يحدث التحرك عندما تؤثر قوة موجهة على الشخص وتتسق القوة مع الحاجة، وترسل القوة الموجهة دائماً خارج الشخص وليس بداخله، حيث أن القوى النفسية من خصائص المجال، وليست من خصائص الشخص وإذا كانت هناك قوة موجهة واحدة تؤثر على الشخص كانت هناك حركة واحدة في وجهة هذه القوة، أما إذا وجدت أكثر من قوة فإن الحركة تكون محصلة هذه القوى مجتمعة .
6 ـ التحـرك:
ويتحرك الشخص خلال مجاله النفسي مدفوعاً بحاجة تطلق الطاقة وتستثير التوتر وتضفي قيمة إيجابية على المنطقة التي فيها يشبع هذه الحاجة فيتحرك الشخص نحو منطقة إشباع الحاجة، فقد تكون الحدود بين المناطق سهلة فيتحقق الإشباع ويزول التوتر، وقد تكون الحدود صعبة فيتحول دون الإشباع فيحاول الشخص اتخاذ ممرات جانبية للحركة نحو الهدف وهو إشباع الحاجة .
7- التكافــؤ:
ويقصد به تكافؤ منطقة في المجال النفسي عند الشخص وهو خاصية تصورية ذهنية لمنطقة ما في البيئة النفسية للفرد، وهناك نوعان من التكافؤ، تكافؤ موجب وتكافؤ سالب، والمنطقة ذات التكافؤ الموجب هي تلك التي تحتوي على موضوع يهدفه الفرد ويؤدي إلى خفض التوتر إذا ما دخل الفرد هذه المنطقة، فالمنطقة التي تحوي طعاماً ما يكون لها تكافؤ موجب بالنسبة إلى الشخص الجائع
وأيضاً إذا كانت إحدى المناطق جذابة فيكون لها تكافؤ إيجابي، وإذا كانت بغيضة مثيرة للاشمئزاز فعند ذلك يكون لها تكافؤ سلبي .
8- الصــراع:
ولقد حدد ليفين ثلاثةأنواع من الصراعات هي:
1- صراع الإقدام:
وفيه يكون الفرد في موقف وسط بين هدفين موجبين متساويين القوة تقريباً وينشأ الصراع حتى يختار الفرد بين الموقفين اللذين لكل منهما جاذبية موجبة فكلاهما يوجه الفرد في نفس الوقت من الاقتراب من هدف معين وهذا الصراع لا يستمر وسرعان ما ينتهي عندما ينتهي الفرد من اختيار هدفه.
وصراع الإقدام الإقدام مثل شاب يريد أن يتزوج وهناك هدفان يتجاذبانه فتاة، شابة جميلة يحبها ولكنها فقيرة، والهدف الآخر امرأة غنية لا يحبها فيضل في صراع كلما يقترب من الهدف الأول يشعر بالضيق بسبب بعده عن الهدف الثاني والعكس، ويمكن ترجيح أحد الهدفين، وبالتالي إنهاء الصراع فنقول له الفتاة الشابة أفضل وتزوجوا فقراء يغنيكم الله، حتى يُغلب أحد الهدفين .
2 - صراع إحجام إحجام:
وفيه يقف الفرد بين هدفين سالبين متساوي القوى تقريباً،
وصراع الإحجام الإحجام فهو يحصل عندما تكون النتائج المتوقعة لأي من عملين يجب الاختيار بينهما غير مرغوبة مثل: حفل إيذاء مشاعر صديق، أو قبول دعوة غير مستحبة. ويتميز هذا النموذج الأخير من الصراع بتأرجح بين البديلين أو بمحاولة للهرب من الموقف (مغادرة المجال) .
وصراع الإحجام الإحجام ينطبق هذا النوع على مقولة طارق بن زياد الشهيرة (البحر من خلفكم والعدو من أمامكم)، ويمكن ترجيح إحداهما من خلال المثال الآتي:
إذا رميتم أنفسكم إلى البحر ستموتون حتماً، ولكن إذا قاتلتم إما النصر وإما الشهادة، وهذا أفضل
3- صراع الإقدام والإحجام:
ويتصف صراع الإقدام – الإحجام بوجود هدف مرغوب ومرهوب في الوقت نفسه (كأن يكون الشخص راغباً في المال ولكنه يرهب العمل الذي يوصل إلى المال)
ومثال على صراع إقدام – إحجام منح شخص فرصة العمل في الخارج ووضعه المادي حرج ومضطر للسفر ولكنه لا يريد أن يترك أولاده الذي لا يستطيع أخذهم معه، فيضل في صراع بين السفر والمال وبين العيش بين أولاده وأن يخسر المال
إذا أردناه أن يسافر يمكن إقناعه عن طريق ما يلي:
- لن تغيب عن أولادك سوى مدة زمنية ثم تعود إليهم.
- تعاني في بداية الغربة ثم تتكيف.
- إن بقاءك سيزيد من مشاكلك وستتألم على احتياجات أولادك التي لا تستطيع أن تلبيها.
وبناءً على ما تقدم يستنتج الباحث من عرض المفاهيم الدينامية عند (ليفين) أن مفهوم الحاجة هو المفهوم الوحيد الذي يرتبط به جميع التصورات الدينامية الأخرى، فالحاجة تطلق الطاقة وتزيد التوتر وتعطي التكافؤ وتخلق القوة. فالطاقة هي مفهوم ليفين الرئيسي الذي ينظم حوله المفهومات الأخرى، ولقد انشغل ليفين بذكاء هذه المفاهيم الدينامية التي وصف بها البيئة النفسية في إلقاء الضوء على طبيعة الأنماط المختلفة من مواقف الصراع.
نمو الشخصية في نظرية المجال:
لا يضع (ليفين) مراحل عمرية مثل (فرويد)، وإنما وضع تغيرات تطرأ على الشخصية، فيرى أن الشخصية تتجه من السهولة إلى التعقيد، فالإنسان في البداية يكون الشخص بسيطاً ومع تقدم العمر يتعقد أكثر، فالطفل الصغير يتصف سلوكه بالبساطة أكثر من الشخص الكبير، كما يرى أن الحدود تزداد قوة بين الشخص ومجاله كلما تقدم به العمر فتجده يتصلب أكثر وتقل مرونته كما يتجه الشخص من الخيالية إلى الواقعية.
ومع النمو يتزايد عدد الحدود الفاصلة بين المناطق، (ليفين) أن النمو عملية مستمرة يصعب تقسيمها إلى مراحل منفصلة
ثانياً: تطبيقاتها الإرشادية:
تطبيقات نظرية المجال في الإرشاد النفسي:
لم يكتب (ليفين) مباشرة عن تطبيق نظرية المجال في الإرشاد النفسي ولكنه طبق نظريته على دراسة السلوك في الطفولة والمراهقة وديناميات الجماعة وحل الصراع الاجتماعي مشكلات جماعات الأقليات وإعادة التعلم وهذا يرتبط بطريق غير مباشر بالإرشاد النفسي، وقد حاول بعض علماء مدرسة الجشطالت تطبيق نظرية المجال في ميدان الإرشاد والعلاج
النفسي .
ومن أهم تطبيقات نظرية المجال في الإرشاد النفسي ما يلي:
أ- عند الاستقصاء عن أسباب الاضطرابات والمشكلات النفسية يوجه الاهتمام إلى أمور
هامة مثل:
- شخصية العميل وخصائصها المرتبطة بالاضطراب والمسببة له.
- خصائص حيز الحياة الخاصة بالعميل في زمن حدوث الاضطراب.
ب- أسباب الاضطراب النفسي:
يرى ليفين أن الاضطراب سببه ناتج عن طرق التفاعل الخاطئة للفرد مع بيئته، مثل الإحباطات والعوائق المادية والحواجز النفسية التي تحول دون تحقيق أهدافه والصراعات التي يمر بها الفرد وما يصاحبها من إقدام وهجوم غاضب أو إحجام تقهقر خائف.
ج- ينظر إلى أعراض الاضطراب والمرض النفسي في مجال له عدة مكونات، منها:
- مجال الفرد عند بدء رد الفعل للاضطراب أو المرض.
- مجال البيئة المادي والثقافي والاقتصادي.
- مجال المرشد والمعالج وتأثيره.
- مجال طريقة الإرشاد نظرياً وعملياً.
د- العلاقة الإرشادية والعلاجية:
يرى ليفين أن على المعالج أن يهيئ الجو أمام المريض ويلطفه مما يشعره أنه مقبول وغير مهدد ويكون متعاطفاً مع العميل في مواقف الإحباط.
ه- فنيات أو أساليب الإرشاد والعلاج في نظرية المجال:
- أهمية تغيير الإدراك، لأن طبيعة ما يدركه الشخص تتقرر بحالة مجاله الإدراكي، ولأن سلوكه الشخصي هو وظيفة لحالة مجاله الإدراكي لطة الإدراك، والإدراك يتأثر بعامل الوقت إذ يجب أن يكون التعرض للموقف كافياً حتى يسمح للحواس بالقيام بوظيفتها بكفاءة وتؤثر قيم الشخص وأهدافه على إدراكه وهو يدرك عادة ما يرغب في إدراكه أو ما تدرب على إدراكه ويلعب الإغلاق (أي ميل الخبرة الجزئية لإكمال نفسها) دوراً هاماً في الإدراك ويؤثر إدراك التهديد أو الشعور به على مدى الإدراك ونوعه إذ يؤدي التهديد أو الشعور به على مدى الإدراك ونوعه إلى تطبيق مجال الإدراك ويدفع الشخص إلى الاحتفاظ بتكامل تنظيم شخصيته باللجوء إلى حيل الدفاع النفسي المختلفة وهكذا تحتاج عملية الإرشاد إلى تغيير الإدراك .
- أهمية مساعدة العميل لجعل العوائق الموجودة في الشخصية أكثر مرونة ومعنى هذا جعلها أقل جموداً مما هي عليه ومساعدته في وضع أهداف حياة ومستويات وطموح واقعية حتى لا يتعرض للإحباط ومساعدته في توسيع مجال حياته حتى تتوافر لديه المرونة ومساعدته على التقليل من جمود العوائق التي تحول بينه وبين تحقيقه أهدافه.
- أهمية تغيير مفاهيم الفرد واتجاهاته وهذا يتطلب تغييراً في ثقافته وفي قمته وهذا يتطلب بدوره – بين أشياء أخرى – تهيئة جو يتاح فيه حرية الاختيار مما ينتج عنه تحقيق الهدف.
- وأهمية التغيير خطوة خطوة إعادة التعليم حيث ينظر إلى هذه الخطوات في إطار تدريجي .
- أهمية الاستبصار في التعلم وفيه يؤدي البحث على حل المشكلة إلى إعادة تكوين المجال وإعادة تنظيم المعلومات، مما يؤدي إلى حل يبدد وكأنه يأتي فجأة، ويتم التوصل إلى الاستبصار في الإرشاد والعلاج النفسي وتعديل مجاله الإدراكي حتى يتم التوصل إلى الحل ويتطلب الوصول إلى حل بالاستبصار (تلقائياً وفجأة) إلى فترة (حضانة) تستغرق بعض الوقت .
ثالثاً: تقييم النظرية:
قدمت نظرية المجال العديد من المفاهيم الهامة التي أفادت في ميدان الإرشاد
النفسي، فقد تزايد الانتباه إلى أهمية المجال النفسي للشخص وإلى تأثير العوامل غير
النفسية في حيز الحياة ونظرية المجال نظرية شاملة متعددة الأبعاد تتناول شبكة من
المتغيرات المتفاعلة.
أ – إيجابيات هذه النظرية ما يلي:
1- فتحت المجال أمام بحوث كثيرة هامة في علم النفس الاجتماعي وعلم نفس الطفل وعلم النفس التجريبي، كذلك فتحت المجال للكثير من البحوث المهمة في مجال مستوى الطموح، الذاكرة، والصراع، ودينامية الجماعة.
2- أبرزت هذه النظرية أهمية الثقافة والمجتمع وطرق التنشئة الاجتماعية وأرجعت الاختلافات بين الشخصيات إلى هذه المؤثرات.
3- حول اهتمام السيكولوجيين من الدراسات على القطط والكلاب والحمام إلى دراسات في سلوك الإنسان داخل الجماعة وله أعمال كثيرة عن العمال في المصانع، ربات البيوت، الأطفال أثناء اللعب، نشاط المراهقين .
وهذه النظرية أعطت للشخصية وزناً ونظرة أكثر جدية فلم تعد الشخصية مجرد استجابات لمثيرات كما هي لدى السلوكيين، فالشخصية تتفاعل وتؤثر وتتأثر بما حولها ضمن مجالها .
ومن إيجابيات نظرية المجال أيضاً أنها ساعدت على جعل الإطار المرجعي الذاتي للشخص يحظى بالاحترام العلمي، كما رفعت الإنسان إلى مرتبة الإنسانية بوصفه مجالاً معقداً من الطاقة تحركه قوى نفسية ولديه حاجات وله أهداف وآمال ومطامح وله القدرة على الاختيار والابتكار، وكذلك أدت نظرية المجال إلى إجراء البحوث في السلوك الإنساني، كما يعبر عنه في مجال نفسي اجتماعي، وهذا ما جعل نظرية المجال تحظى بمنزلة مرموقة في علم النفس المعاصر .
الانتقادات الموجهة لنظرية المجال (السلبيات):
ورغم ما قدمت هذه النظرية من مفاهيم هامة أفادت في ميدان الإرشاد النفسي، إلا أنه قد وجه لها بعض الانتقادات، ومن أهم هذه الانتقادات ما يلي:
- استخدام تصورات معقدة لمواقف نفسية بسيطة.
- عدم وضع قوانين محددة تلخص النظرية.
- عدم إمكان التنبؤ بالسلوك في ضوء النظرية.
- إهمال التاريخ الماضي للفرد على أساس أن السلوك يعتمد على الحاضر أكثر من اعتماده على الماضي أو المستقبل.
- إساءة استخدام المفاهيم الطبيعية والرياضية مثل مفهوم قوة المواجهة والقيمة والتوتر وغيرها، وعدم صياغتها صياغة نفسية.
- أعطى تصوراً معقداً لمفاهيم بسيطة، فقد أعطانا (ليفين) مفاهيم كثيرة وغامضة استقاها من العلوم الطبيعية وصورها تصويراً معقداً فلا داعي مثلاً لتعريف مفاهيم معينة مثل الشخص والمناطق والوقائع .
- تعد النظرية لا تاريخية فهي تعني بالموقف الحالي (هنا والآن) وبذا يصعب التنبؤ بالسلوك كذلك تهمل الماضي والتراث.
- تفتقر النظرية إلى التعاريف الإجرائية، حيث لا توجد تحديدات تساعد على فهم واستيعاب المفاهيم التي طرحها وذلك بسبب لجوئه إلى مفاهيم في علوم الرياضيات والفيزياء دون مبرر واضح (التكافؤ، الكميات، المتجه، الحيز، المجال)، وهناك بعض الصعوبة في إدخال هذه المفاهيم في السياقات النفسية.
لايتوفر فيديو
تجميع المقال No ID
المصادر :
الفيديوهات من اليوتيوب