يعتبر علم الكون واحدا من أكثر حقول العلم إبداعاً و تحييراً. في هذه الفقرة الحصرية يمكنك أن تستكشف بعض أغرب الأفكار العلمية في هذا المجال.
• البرانات المتشابكة – Clashing branes
هل يمكن لكوننا أن يكون عبارة عن غشاءٍ طافٍ ضمن فضاء بأبعادٍ أعلى، يقوم بشكلٍ متكرر بالتحطم ضمن كونٍ مجاور؟
تنص إحدى نتائج نظرية الأوتار (String theory)، و التي تُعرف بعالم البران (braneworld)، على وجود أبعاد إضافية كبيرة للفضاء، ففي الوقت الذي يُمكن فيه للجاذبية أن تتنقل بين تلك الأبعاد، فإننا نظل مرتبطين بالكون "البراني" الخاص بنا و الذي يتمتع بثلاثة أبعاد فقط. عمل Neil Turok، من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، و Paul Steinhardt، من جامعة برينستون في نيويورك، على استنباط كيفية نشوء الانفجار العظيم (Big Bang) عندما قام كوننا بالتصادم بشكلٍ عنيف مع كونٍ آخر. هذه التصادمات تتكرر و تقوم بإنتاج انفجار عظيم جديد الآن، كما في كل وقتٍ آخر –لذلك، إذا كان نموذج الكون الدوري (cyclic universe) صحيحاً، فيمكن للكون أن يكون خالداً.
• الأكوان المتطورة – Evolving universes
عندما يتم ضغط المادة إلى كثافاتٍ شديدة ضمن مركز ثقب أسود، قد ترتد من جديد إلى الخلف، فتخلق كوناً طفلاً جديداً. كما من المحتمل أن تختلف قوانين الفيزياء في الكون الوليد قليلاً و بشكلٍ عشوائي عن الكون الأب –لذلك يمكن أن يقال أن الأكوان تتطور، و هو ما يقترحه Lee Smolin، من معهد المحيط في واترلو، بكندا. إن الأكوان التي تحتوي الكثير من الثقوب السوداء، لديها الكثير من الأطفال بحيث أنّها تقوم في النهاية بالهيمنة على التوزع الموجود في الأكوان المتعددة. أما إذا كنّا نعيش في كونٍ نموذجي، فبالتالي ينبغي عليه أن يتميز بثوابت و قوانين فيزيائية، تقوم بأمثَلة إنتاج الثقوب السوداء. ألا أنه غير معروف حتى الآن، إن كان كوننا يتناسب مع هذا الأمر أم لا.
• الزمكان فائق الميوعة – Superfluid space-time.
إحدى أكثر النظريات الجديدة غرابةً في علم الكون، هي تلك التي تنص على أنَّ الزمكان في الواقع عبارة عن مادة فائقة الميوعة (superfluid substance)، تقوم بالجريان كما تتمتع بعامل لزوجة قيمته الصفر. فوفقاً للفيزيائي Pawel Mazur من جامعة كارولينا الجنوبية، و George Chapline من مختبر لورانس ليفرمور الموجود في جامعة كاليفورنيا:" إذا كان الكون يقوم بالدوران،فالزمكان فائق الميوعة سيتشتت ضمن دوامات". يفترض Mazur أن كوننا قد وُلد ضمن نجمٍ منهار، حيث قام التجمع المكون من المادة النجمية و الفضاء فائق الميوعة بقذف الطاقة المظلمة، و هي قوة التنافر المسؤولة عن تسارع توسع الكون.
• الكون المعتدل – Goldilocks universe.
لماذا يتمتع الكون بالخواص المناسبة تماماً للسماح بنشوء الحياة؟ ببراعة قليلة و بوجود القليل من الثوابت الفيزيائية، سنصل في النهاية إلى عدم وجود النجوم أو المادة، أو أنَّ الكون لن يستمر لفترة أطول من غمضة عين!
يكمن أحد الأجوبة على ذلك في المبدأ الإنساني (anthropic principle)التالي: على الكون الذي نراه أن يكون قادراً على دعم الحياة أو أننا ببساطة لن نكون موجودين لنتمكن من رصده.
حصلت هذه الفكرة مؤخراً على بعض القوة، لأنَّ نظرية التضخم (inflation theory) تقترح إمكانية وجود عدد لانهائي من الأكوان، و تُلمح نظرية الأوتار (string theory) إلى أنه: من المحتمل أن تتمتع هذه الأكوان بمجالٍ كبير من الاختلافات الموجودة في خواصها و قوانينها الفيزيائية، لكنَّ العديد من الفيزيائيين يرفض المبدأ الإنساني باعتباره غير علمي، لأنَّه لا يُعطينا أي تنبؤات قابلة للاختبار.
• ديناميكا نيوتن المعدل MOND – Modified Newtonian Daynamics.
قد لا تكون المادة المظلمة عبارة عن "شيء" –أو ربّما تكون مجرد اسم مُضلل لسلوك غريب للجاذبية. تقول النظرية، التي تُعرف بـ MOND (ديناميكا نيوتن المعدل)، أن الجاذبية لا تتلاشى بنفس السرعة التي تتنبأ بها النظريات الحالية. يُمكن لهذه الجاذبية الأقوى أن تلعب الدور الذي تلعبه المادة المظلمة، لتمسك بالمجرات والعناقيد معاً، التي لولا ذلك كانت ستبتعد عن بعضها البعض. كما أن هناك صيغة جديدة من MOND، تتفق مع النسبية، أشعلت من جديد الاهتمام بهذه الفكرة على الرغم أنه من الممكن ألا تتفق مع نمط البقع الموجودة في الخلفية الكونية الميكروية.
• الشبح الكوني – Cosmic ghost.
ثلاث ألغاز في علم الكون الحديث يمكن وضعها في إطار الوجود الشبحي. فبعد القيام بتعديل على نظرية اينشتاين في النسبية العامة، وجد فريقٌ من الفيزيائيين مادة غريبة ظهرت نتيجةً لنظريتهم الجديدة، هذه المادة هي "التكاثف الشبحي – ghost condensate".
يُمكن لهذه المادة أن تُنتجَ ثقالة تنافرية، و بالتالي تقود التضخم الكوني الذي حصل عند الانفجار العظيم، إلا أنها في وقتٍ لاحق قد تقوم بتوليد تسارع أكثر اعتدالاً، و هو الذي تمَّ إرجاعه إلى المادة المظلمة. بالإضافة إلى أنه إذا تكتلت هذه المواد الغريبة معاً، فيُمكن لها أن تُشكل المادة المظلمة.
• إنّه كونٌ صغير – It’s a small universe
يُوجد في نمط البقع الموجودة في الخلفية الكونية الميكروية خللٌ مريب: هناك، و بشكلٍ مفاجئ، بضعة بقع كبيرة. إحدى التفسيرات المحتملة لذلك، هي أنَّ الكون صغير –صغير إلى درجة أنّه إذا قمنا بالعودة إلى الزمن الذي أُنتجت فيه الخلفية الميكروية، لا يمكن له أبداً حتى أن يحتوي هذه البقع الكبيرة. و إذا كان ذلك صحيحاً، فعلى الفضاء أن ينحني حول نفسه بطريقةٍ ما. أما أكثر الاقتراحات غرابة، فهي تلك التي تنص على أنَّ للكون شكلٌ مشابه للقمع، حيث توجد نهاية ضيقة وأخرى واسعة، تماماً كبوق الترومبيت. انحناء الفضاء المتقوس للخلف في هذا النموذج سيؤدي أيضاً إلى تمدد أي من البقع الميكروية الأصغر، و تحولها من الشكل الدائري إلى شكلٍ شبه بيضوي، أي كالشكل الذي تمَّ رصده في الواقع.
• الضوء السريع – Fast Light
لماذا تبدو الجوانب المتعاكسة من الكون متماثلة؟ إنّها أحجية، لأن طرفي الكون الرصدي اليوم، لا يمكن أبداً أن يكونا على اتصال. حتى مع العودة إلى لحظة الانفجار العظيم عندما كانت هذه المناطق أقرب إلى بعضها البعض، لم يتوفر الوقت الكافي من أجل أن يقوم الضوء، أو أي شيء آخر، بالتحرك من طرفٍ إلى آخر. لم يكن هناك وقتٌ كافٍ من أجل أن تتجانس درجات الحرارة و الكثافة، كما هي الحالة اليوم. تنص أحد الحلول لهذه المسألة، على أنَّ الضوء كان يتحرك عند سرعات أكبر بكثير من سرعته الحالية، لكن هذا يترتب عنه القيام بإصلاحٍ و تغيير جذري لنظرية اينشتاين في النسبية.
• النيوترينوهات العقيمة – Sterile neutrinos
قد تكون المادة المظلمة مؤلفة من جسيمات مراوغة جداً –النيوترينوهات العقيمة. هذه الجسيمات عبارة عن الأشقاء الافتراضيين الأثقل للنيوترينوهات العادية، تتفاعل مع المادة الأخرى عبر قوة الجاذبية فقط –ما يجعل من اكتشافهم أمراً مستحيلاً. لكن من الممكن أن تتمتع هذه الجسيمات بالخواص المناسبة لتُصبح مادة مظلمة "دافئة"، تقوم بالاهتزاز عند سرعات تصل إلى حوالي بضعة كيلومترات في الثانية الواحدة لتشكل بالتالي تكتلات مادة مظلمة أكبر قليلاً، و هي تلك التي تمَّ رصدها في المراقبات الحالية. و من المحتمل أيضا أن النيوترينوهات العقيمة قد ساعدت كلاً من النجوم، و الثقوب السوداء، على التشكل في المراحل المبكرة من عمر الكون، و قامت بإعطاء الدفعات اللازمة من أجل جعل النجوم النترونية تقوم بالدوران مسرعةً حول مجرتنا.
• في المصفوفة – In the Matrix
ماذا إن كان كوننا غير حقيقيا؟ ادعى الفيلسوف Nick Bostrom أنه من المحتمل أننا نعيش داخل عملية محاكاة حاسوبية. فبافتراض وجود إمكانية لمحاكاة الوعي، فمن المحتمل أن تحاول حضارات مستقبلية القيام بذلك، و للعديد من المرات أيضاً. عندها مُعظم الأكوان الملحوظة ستكون أكوانا تمت محاكاتها –إذاً، هناك احتمال بأن نكون ضمن إحداها. و في هذه الحالة، قد تكون كل تلك الشذوذات الغريبة، مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، ببساطة عبارة عن قطع وُضعت كي تقوم بحماية التناقض المبكر الموجود في محاكاتنا.
المصدر : فريق ناسا بالعربي- NASA In Arabic