قام مركز الفيزياء الفلكية الحاسوبية CFCA التابع للمرصد الفلكي الوطني الياباني بتحديث الحاسب الفائق من نوع Cray XC30 والمُسمّى “ATERUI” .
وتم التحديث عن طريق استخدام أحدث أنواع وحدة المعالجة المركزية CPU، وبذلك ارتفعت ذروة الأداء النظري من 502 تيرا-فلوب إلى 1.058 بيتا-فلوب، مما يعني أن ATERUI قام بقفزةٍ نوعية ليصبح حاسوباً يعمل في مجال البيتا-فلوب. التحديث الجديد سيفتح المجال أمام عمليات مُحاكاة عديدة لفهم الكون والظواهر الفلكية.
إن البيانات التي نحصل عليها لظاهرةٍ فلكيةٍ معينة هي عبارة عن صورة لهذه الظاهرة. ولفهم هذه البيانات نحتاج إلى وضع نظريات مبنية على الفيزياء، و إجراء تجارب مبنية على هذه النظريات. ولكن نحن لا نستطيع أن نعيد بناء الظواهر الفلكية في المختبرات نظراً للمقاييس المكانية و الزمانية ذات العلاقة.
ومن جهة أخرى فإن علم الفلك النظري يُحاول فهم هذه الظواهر عن طريق حل المعادلات. لكن ليس من السهل أن يقوم الإنسان بحل بعض هذه المعادلات يدوياً، وبالتالي فإن الحواسيب الفائقة تقوم بمساعدة علماء الفلك.
يقوم علماء الفلك المختصين بأنظمة المحاكاة ببناء كائنات فلكية أو حتى الكون نفسه في الحاسوب ثم يقوم الحاسوب بإجراء المُحاكاة لمقارنة النتائج مع الكون المرئي.
مع التقدم السريع في تكنولوجيا الحاسوب، تعتبر المُحاكاة العددية في علم الفلك مُقاربة ثالثة لإجراء البحوث الفلكية، جنباً إلى جنب مع علم الفلك الرصدي والنظري.
تم تركيب حاسوب ATERUI الفائق المُستخدم في مركز CFCA من نوع Cray XC30 في حرم المرصد الفكي الوطني الياباني في ميزوساوا وذلك في أبريل من عام 2013، وهو الجيل الرابع من الحواسيب الفائقة المُستخدمة للمٌحاكاة الرقمية في المرصد. يُعتبر نظام الحاسوب الفائق من النوع العددي “scalar type” ومتوازي على نطاق واسع.
كان ATERUI يُعتبر أسرع حاسوب فائق مُخصص للمحاكاة الفلكية مع سرعة أداء تصل إلى 502 تيرا-فلوب. سرّع ATERUI من فهمنا لمسائل في عدة مجالات فلكية، ولكن مُتطلبات علماء الفلك لأداء عالي للحواسيب أصبح في تزايد مستمر.
وإستجابةً للمطالب المُتزايدة، خضع ATEURI لجراحة تم فيها زراعة عقل جديد له، وكان ذلك خلال 11 إلى 30 سبتمبر 2014. خلال هذه العملية تم استبدال وحدات المُعالجة القديمة بأُخرى جديدة. وتقلص عدد المقصورات من8 إلى 6، وتم إعادة توصيل الوصلات الداخلية. على الرغم من نقصان عدد المقصورات إلا أن ذروة الأداء النظري إرتفعت من 502 تيرا-فلوب إلى 1.058 بيتا-فلوب. هذا يعني أنه باستطاعة ATERUI أن يقوم بألف تريليون عملية حسابية في الثانية. وبهذا أصبح أفضل أداء في العالم لحاسوب فائق خاص بالمُحاكاة الفلكية. وأصبح أول حاسوب فائق من فئة البيتا-فلوب يعمل لدى المرصد الفلكي الوطني الياباني.
بدأ الحاسوب المٌجدد عمله في أول شهر أكتوبر ويتم استعماله من قبل 127 باحث. من المستخدمين هناك باحثين وطلاب دراسات عليا ليس فقط من المرصد الياباني ولكن من جامعات ومعاهد أُخرى في اليابان، وباحثون يابانيون في الخارج.
يقوم ATERUI بعدة عمليات مُحاكاة من ضمنها : تشكل الكواكب، ولادة و موت النجوم، نشاط الشمس، تطور الثقوب السوداء، تشكل المجرات وعناقيد المجرات والهياكل الكونية ذات النطاق الواسع. على سبيل المثال، في مُحاكاة السوبرنوفا واندماج النجوم النيوترونية الثُنائية، فإنه يجب أن يُؤخد في الحُسبان فيزياء الطاقة العالية المُعقدة. هذه الُمحاكاة تحتاج إلى قوة حوسبة هائلة، وسيتمكن ATERUI الجديد من إجراء مُحاكاة أكثر واقعية لهذه الظواهر المعقدة. بالإضافة إلى ذلك فإن الخطوات الزمنية الأصغر لإجراء العمليات الحسابية ستوفر سلوكيات أكثر دقة للظواهر.
سيتمكن ATERUI الجديد من تتبع حركة الجسيمات والسوائل بدقة مثل النجوم والغاز بين النجوم أو غاز البلازما. بلإضافة إلى ذلك، فإن الدقة الفضائية الأعلى توفر بنية جيدة للأجرام السماوية و لهيكل الكون. فعلى سبيل المثال مُحاكاة واحدة باستعمال ATERUI الجديد توفر عدة مشاهد للكون تتراوح ضمن النطاقات الكبيرة وتنحدر إلى نطاق مجرة فردية.
يقول البروفيسور إييتشيرو كوكوبو مدير مشروع CFCA:” يمكننا تسمية الحواسيب الفائقة للبحث الفلكي بـ ’تلسكوبات علم الفلك النظري’ وذلك لأنها توضح الظواهر الفلكية التي لا تستطيع التلسكوبات رؤيتها. سيتم الكشف عن رؤى جديدة للكون والتي لم نرى مثلها من قبل وذلك بإجراء مُحاكاة أكثر واقعية باستعمال ATERUI الجديد.”
المصدر