في عام 2013، تمّ تتويج الدانمارك على أنّها الدولة الأكثر سعادة في العالم. فمِن بين باقي دول العالم، نَجد أنّ الدانمارك قدْ امتلكت العوامل الستة لسعادة الأمة، وهذه العوامل هي التي تُحدد ثلاثة أرباع الاختلافات في تقييم الحياة بين المِئات من الدول خلال سنوات عديدة.
ما هي العوامل الستة لسعادة الأمة؟
تَنقسم العوامل الستة لسعادة الأمة بشكلٍ متساوٍ بين اهتمامات الحكومة وبين مستوى المعيشة لدى الشعب. وبشكل عام، فإن الدول الأكثر سعادة يكون لديها:
1- معدل عال في الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد.
2- معدل عال من الحياة الصحية عند الولادة.
3- معدل قليل من الرشوة والفساد عند القياديين.
وثلاثة عوامل تعتمد على الأفراد:
1- الشعور بالدعم الاجتماعي.
2- الحرية في اتخاذ القرارات المعيشية.
3- ثقافة العطاء.
لكن لماذا تم اختيار الدانمارك من بين باقي الدول الثرية الديمقراطية و التي يكون فيها الفِئة المُتعلّمة من السكان صغيرة؟ وهل يُمكن أنْ تُطبق تلك الخصائص والميّزات -التي جعلت من هذه الدولة الشمالية أنْ تكون الأسعد بين باقي دول العالم- على الثقافات الأخرى المتواجدة على الأرض؟
إليكم بعض الأشياء التي فعلها الدانماركيون؛
دعم الأهل:
تكون متوسط إجازة الأمومة في الولايات المتحدة الأمريكية عشرة أسابيع تقريباً، أمّا في الدانمارك فإنّ هذه الإجازة هي بمعدل 52 أسبوع. يمكن للأمهات أخذ إجازة تصل إلى 18 أسبوع ويمكن للآباء الحصول على إجازة خاصة مدفوعة الراتب لمدة أسبوعين.
ولكن الدعم لا يتوقف مع نهاية هذه المدة، فيمكن إدخال الأطفال الدانماركيون في برامج رعاية الطفولة المجاني أو منخفض الكلفة، أما التعليم في الطفولة المبكرة فيكون مرتبطاً بالصحة والرفاهية لأولئك الذين ينتسبون إلى هذا البرنامج، ويفيد أيضاً الأم التي ترغب بالعودة إلى العمل بسرعة ويفسح لها المجال لذلك.
وماذا عن النتيجة؟
حسناً، في الدانمارك فإن 79% من الأمهات يعدْنَ إلى عملهنّ السابق مقارنة مع 59% فقط من النساء الأمريكيات. وهذه المصادر أثبتت لنا أنْ الأم الدانماركية تساهم في 34-38% من الدخل في الأُسَر التي تمتلك أطفالاً مقارنة مع النساء الأمريكيات اللواتي يساهمْنَ في 28% من الدخل فقط.
الرعاية الصحية هي حق مدني ومصدر للدعم الاجتماعي.
المواطنون الدانماركيون يحصلون على الرعاية الصحية كحق أساسي لهم، ولكن الأهم من ذلك فإنهم يعلمون كيفية استخدام الأنظمة الصحية بفعّالية، حيث يتواصل الأفراد مع الطبيب الخاص بهم ما يقارب سبع مرات في العام. وهذا يعني أن الطبيب الخاص بكل فرد يستطيع أن يوجهه في القضايا الصحية المعقّدة على مدار الوقت.
وعلى العكس فإن الأمريكيون يحصلون على الرعاية الصحية أقل بأربع مرات في العام وبشكل متقطع، وهذا يعني أن الأمريكيين لا يمتلكون نظام رعاية صحي متواصل عند أخصائي طبي واحد يقوم بتوجيههم.
المساواة بين الجنسين هي أولوية:
تعتبر الدانمارك واحدة من أفضل عشر دول في العالم في موضوع المساواة بين الجنسين، كما كانت من أوائل الدول التي منحت المرأة حق التصويت في عام 1915.
ركوب الدراجات هو المعيار:
يذهب 50% من المقيمين في "كوبنهاغن" عاصمة الدانمارك والتي تعتبر المدينة الأكبر والأكثر سكاناً إلى مدارسهم أو عملهم باستخدام الدراجة. وبالمجمل فإن نصف مواصلات هذه المدينة تعتمد على هذه الرياضة، وهذا ما يحسن درجات اللياقة البدنية ويقلل من إنتاج غاز الكربون ويحافظ على صحة المدينة.
أثبت الباحثون أن كل كيلومتر يتم قطعه بوساطة الدراجة عوضاً عن السيارة فإنه يوفر 7.8 سنت من أموال دافعي الضرائب التي تنفق على تصليح تلوث الهواء والحوادث والازدحام والضجة وإصلاح مشاكل البنية التحتية، مما يوفر على المدينة ما يقارب 34 مليون دولار سنوياً.
الثقافة الدانماركية تضع لفتة إيجابية على بيئتها القاسية:
في بلاد معتمة مثل الدول الاسكندنافية فإن الشتاء يكون حاملاً معه ظلمة كئيبة، حيث لا تشرق الشمس أكثر من سبع ساعات في النهار، فإنّ هذا الجو الأسود يسبب الكآبة ويخرج المشاعر الحزينة.
ولكن الشعب الدانماركي تًمكن من التغلب على هذا المشهد باستخدام مفهوم خاص لديهم هو الـ ""hygge والذي يعتبر تقليداً دانيماركياً يعني عشاء مليء بالحب الدافئ والتعاطف وتبادل الشوكولا والقهوة والمشروبات، الأمر الذي يجعل هذا التقليد معدلاً جيداً للمزاج.
الدانماركيون يشعرون بالمسؤولية تجاه بعضهم البعض:
هناك شعور عالي بالمسؤولية الجماعية لدى الدانماركيين، ويكون هذا الشعور مصحوباً بالأمن الاقتصادي والتوازن بين العمل والحياة، وينجم عنها نسبة عالية من التطوع. فتفوق نسبة المتطوعين 40% من الدانماركيين والذين يوظفون هذه القدرات في المجالات الثقافية والرياضية والاجتماعية والسياسية.
ولا عجب أن سجل عام 2006 وجود 101 ألف منظمة دانماركية في بلد تعداده السكاني 5.5 مليون فرد.
الكلام السابق لا يعني أن الدانماركيين لا يعنون بالمجال الديموقراطي والإداري، ففي آخر إحصائية لانتخابات أيلول 2011 قام بالتصويت 87.7% من الشعب، وهو الذي جعلها تحتل المركز الأول كواحدة من أكثر الدول ديموقراطية بالتنافس مع أكثر من 30 نظاماً ديموقراطياً عالمياً.
المصدر