شهد المسبار الفضائي فوياجر 1 (voyager 1) ثلاثَ موجاتٍ صدمية. إحدى هذه الموجات كانت قد ساعدت الباحثين على التأكد من أن المسبار قد دخل إلى الفضاء بين النجمي بالفعل، وآخرها تلك التي رُصدت في شباط/فبراير 2014 ولا زالت مستمرةً في الانتشار حتى الآن، ولذلك فإن "موجة التسونامي" هذه هي الأطول عمرًا من بين كلِّ الموجات الصدمية التي رآها الباحثون.
يقول دون جرونيت (Don Gurnett) أستاذ الفيزياء بجامعة أيوا Iowa الذي قدم هذه البيانات الجديدة في لقاء الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي: "قد يظن أغلب الناس أن الوسط بين النجمي ناعمٌ وهادئٌ، إلا أن الموجات الصدمية أكثر شيوعًا مما نظن".
تحدث "موجة التسونامي" عندما تُصدر الشمس انبعاثاتٍ من المادة صادرةٍ عن الإكليل، حيث تُقذَف سحابةٌ ممغنطةٌ من البلازما المكوِّنة لسطحها، وهو ما يُولِّد موجةً من الضغط. وعند سريان هذه الموجة خلال البلازما بين النجمية، أي الجسيمات المشحونة الموجودة في الفضاء بين النجوم، تتولَّد موجةٌ صدميةٌ تُسبب اضطرابًا في البلازما.
يقول إد ستون (Ed Stone) عالم مشروع في مهمة المسبار فوياجر من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: "يتسبب التسونامي في رنين الغاز المُتأين، كأنه يغني أو يهتز كجرس".
هذا بالنسبة للموجة الثالثة التي تشهدها فوياجر 1، التي قطعت خلالها 250 مليون ميلًا؛ أما الموجة الأولى فقد حدثت في الفترة من تشرين الأول/أكتوبر وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وحدثت الموجة الثانية في نيسان/أبريل واستمرت حتى أيار/مايو 2013 وكشفت كثافةً أعلى للبلازما.
يقول ليونارد بورلاجا (Leonard Burlaga) عالم فيزياء فلكية شرفي في مركز غودارد، ناسا، وهو من قام بتحليل بيانات الحقل المغناطيسي التي أسست للحصول على هذه النتائج: "يُثير هذا الحدث الملفت تساؤلاتٍ من شأنها أن تُحفز على القيام بدراساتٍ جديدةٍ لطبيعة الصدمات في الأوساط بين النجمية".
من غير الواضح للباحثين ما قد يعنيه التعمير (أي طول الحياة) غير المعتاد لهذه الموجة، كما أنهم ليسوا متأكدين أيضًا من سرعة تقدم الموجة ومن المساحة التي تغطيها.
ساعدت موجة التسونامي الثانية في 2013 الباحثين على معرفة أن المسبار قد غادر الهليوسفير، وهي الفقاعة الناشئة عن الرياح الشمسية المحيطة بالشمس وبكواكب النظام الشمسي. وأثناء ذلك كانت حلقات البلازما، الموجودة دون الترددات الأعلى وفي الأوساط التي حلقت فيها فوياجر 1، أكثف بأربعين مرةً مقارنةً بأية قياساتٍ سابقة. ومعنى ذلك أن فوياجر قد دخلت إلى منطقةٍ لم تصلها أيُّ مركبةٍ فضائيةٍ من قبل، ألا وهي الفضاء بين النجمي.
يقول ستون: "تزداد كثافة البلازما كلما ابتعدت فوياجر. هل ذلك لأن الأوساط بين النجمية تزدادُ كثافةً كلما ابتعدنا عن الهليوسفير؟ أم أنه تأثير الموجةِ الصدمية نفسها؟ لا نعرف بعد".
يتوقع غرونيت، الباحث الرئيسي في أداة البلازما في المسبار، أن الموجات الصادمة ربما تتقدم في الفضاء وصولًا إلى مسافةٍ تبلغ ضعف المسافة بين الشمس وبين الموقع الحالي للمسبار.
أقلع المسبار فوياجر 1 وتوأمُه فوياجر 2 سنة 1977 بفارق 16 يومًا، وحلق كلاهما بالقرب من كوكبي المشتري وزحل؛ وحلق فوياجر 2 بالقرب من أورانوس ونبتون.
فوياجر 2 الذي أُطلق قبل توأمَه هو مركبة الفضاء ذات فترة التشغيل المستمر الأطول، ويُتَوَقع أن تدخل الفضاء بين النجمي خلال سنوات قليلة.
المسباران التوأم قام ببنائهما وتشغيلهما مختبر الدفع النفاث بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وقسم الفيزياء الشمسية بناسا.