يقترح بحثٌ علميُ جديد أن الـ Chondrules - وهي أحجار صغيرة ميلي مترية الحجم - والتي تُشكل الجزء الأكبر من النيازك البدائية قد لعبت دوراً حاسماً في عملية تشكل الكواكب.
المُحاكاة التي طورها العلماء من المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي وجامعة Lund بالسويد تُبين كيف أنه يمكن لكويكب بحجم الـ Planetesimals - اللبنات الأساسية لتكون الكواكب وهي أجسام صلبة صغيرة - يمكن لها أن تنموا إلى الأحجام الملحوظة حالياً والتي بإمكانها تجميع الـ Chondrules، كل ذلك فقط حول حبة Chondrules بحجم حبة رمل.
السؤال الأكبر هنا هو: كيف أتت الكواكب للوجود؟ قال Mordecai-Mark Mac Low من المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي قسم الفيزياء الفلكية والمشارك في هذا البحث: "عندما بدأ النظام الشمسي بالتّشكل لأول مرة، كانت أكبر الأجسام الصلبة هي جُزيئات غبار ميكرونية. يُمثّل التحدي هنا في معرفة كيف تجمّعت جُزيئات الغبار تلك مكونةً الـ Planetesimals والتي كوّنت التنوع الهائل للكواكب والأجسام الصغيرة الأخرى التي نراها اليوم".
في المراحل المُبكرة لتشكل الكواكب، كانت جزيئات الغبار ضمن قُرصٍ من الغبار محيط بالنجم الوليد حينها وكانت في حالة تصادم مع بعضها البعض مكونة بذلك غباراً أكثر تماسكا، ومن ثم حصى وصخور. ومع ذلك، فإن نموذج القُرص الغازيّ يُضفي عيباً على الصخور عندما تصل لحجمٍ مُساوي لحجم شخص تقريباً، يؤدي ذلك إلى إبطاء سرعتها ومن ثم السقوط في النجم بعد حوالي 100 دورة مدارية، هذا بالإضافة إلى أن سرعة حركة الصخور يؤدي لتفككها عند التصادم بدلاً من الإلتصاق معا.
في عام 2007 قام Mac Low والمؤلف الرئيسي لهذه الورقة البحثية Andres Johanson وبعض المعاونين باقتراح آلية جديدة تسمى "عدم الإستقرار الإنسيابي" والتي تؤدي لنتيجةٍ مُختلفة تماماً عن نموذج القرص الغازي، يقترح هذا النموذج أنه عندما يحتوي المدار على صخور أكثر من المدارات المجاورة له تقوم الصخور المجاورة بالسير في نفس المدار وتكون أقرب للصخور الأخرى مما يساعد في تجميع الغاز معاً ويؤدي ذلك للحد من سحب النجم لهم، وتقوم الصخور من مدارات أبعد بالدخول في هذا المدار مما يؤدي لزيادة كثافة الصخور بحيث يسمح لقوى الجاذبية بتجميعهم معاً مُكونة Planetesimal قادرة على التغلب على سحب النجم لها.
في عملهم الأخير قام الباحثون بتطوير محاكاة حاسوبية عالية الدقة لنموذج عدم الإستقرار الإنسيابي باستخدام الحاسوب الأوروبي الخارق PRACE بهدف التنبؤ بتوزيع حجوم الكويكبات التي تتنبأ بها هذه الآلية.
تُشير الأدلة الحالية أن الكويكبات تعكس التوزيع الأصلي لحجوم الـ Planetesimals لأنه وكما يقول Mac Low: "الكويكبات هي بمثابة الأحافير للكواكب، تلك التي لم تصل بعد لتصبح كوكب وليد". لأجل ذلك تتمحور مهمة الباحثين حول قياس توزيعات حجوم الـ Planetesimals بواسطة المحاكاة ومقارنتها بالتوزيعات الملاحظة في النظام الشمسي.
لكن فوجئ الباحثون أن توزيعات الحجوم التي تتنبأ بها المحاكاة الحاسوبية لا تتفق مع المشاهدات! على وجه التحديد، فإن المحاكاة لا تنتج Planetesimals كبيرة بما فيه الكفاية.
تحوّل تركيز الباحثين حينها إلى ما يسمى بالـ Chondrules والتي تُشكّل قرابة الـ 50% من النيازك البدائية، وقال Mac Low: "الشيء المثير للإهتمام حول الـ Chondrules أنها تمتلك حجماً مضبوطاً بحيث تتمكن من التباطؤ بفعل الغاز حول الـ Planetesimals مما يؤدي لتساقطها وتجمعها مثل تجمع حبيبات الرمل في عاصفة رملية".
عندما قام الباحثون بتضمين تساقط هذه الحبيبات في الحساب كانوا قادرين على إنتاج التّوزيع الصحيح لحجوم الـ Planetesimals المُلاحظة في الكويكبات، يظهر النموذج أيضاً أن كويكبات أكبر حجماً قد التقطت الـ Chondrules بشكلٍ أسهل مما جعلها تنموا وتُصبح غير مستقرة وقد تصطدم مع الكويكبة المجاورة لها لبناء الكواكب الأخرى كالمريخ، أو تكوين النوى الكبيرة للكواكب الغازية ككوكب المشتري مثلاً.
يحرص العلماء الآن على معرفة المزيد حول أسطح الكويكبات لدراسة الChondrules التي قد تشكل أدلة دامغة لنظريتهم.