الأربعاء، 3 يونيو 2015

فيزيائيون يجدون طرقاً جديدة لزيادة إنتاج الهيدروجين المضاد




هناك العديد من التجارب التي يود علماء الفيزياء إجراؤها على المادة المضادة (Antimatter)، انطلاقاً من دراسة خواصها باستخدام قياسات التحليل الطيفي ووصولاً إلى اختبار كيفية تفاعلها مع الجاذبية. لكن لتطبيق تلك التجارب، يحتاج العلماء في البداية بعضاً من تلك المادة. 


بالطبع، لن يجدوا أياً منها في الطبيعة! - لأن المادة المظلمة تميل إلى أن تفنى على شكل طاقة عندما تُواجه المادة العادية - وصنع هذه المادة في المختبر هو أمرٌ أُثبت كونه تحدياً تقنياً نتيجةً للعديد من الأسباب. 

الآن وفي ورقة علمية جديدة نُشرت في مجلة "Physical Review Letters"، اكتشف آليشر كاديروف Alisher S. Kadyrov وآخرون، من جامعة كورتين في بيرث-استراليا وجامعة سوانسي-المملكة المتحدة، اكتشفوا طريقةً لتعزيز معدل إنتاج الهيدروجين المضاد (Antihydrogen) بمراتبٍ عديدة. 

يأمل الباحثون أن تُساهم طريقتهم في توجيه برامج الهيدروجين المضاد نحو إنتاج كميات أكبر من هذه المادة والحفاظ عليها لأزمنة أطول، وعند درجات حرارة باردة ومطلوبة لإجراء تجارب البحث. 

يقول كاديروف: "تتنبأ قوانين الفيزياء بوجود كميات متساوية من المادة والمادة المضادة بعد الانفجار العظيم. وأحد أكبر ألغاز العلم هو أين ذهبت المادة المضادة؟ لكشف النقاب عن هذا اللغز، يُخطط العلماء في مركز الأبحاث النووية الأوروبي لإجراء تجارب جاذبية وطيفية على المادة المضادة، والمثال الأبسط عليها هو الهيدروجين المضاد. مع ذلك، يُمثل إنتاج ودراسة الهيدروجين المضاد تحدياً كبيراً ومكلفاً".

الهيدروجين المضاد شكلٌ جذاب للمادة المضادة بالنسبة للعلماء، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بدراسة تلك المادة، لأنه حيادي كهربائياً، فهو يتألف من بروتون مضاد (بروتون مشحون سلبياً) وبوزيترون أو إلكترون مضاد (إلكترون مشحون إيجابياً). ولأنه مصنوع من جسيمين مضادين فقط، فإن إنتاج هذا العنصر أسهل من إنتاج الكثير من الذرات المضادة الأخرى. 

في العام 2002، أنتج العلماء الهيدروجين المضاد للمرة الأولى في إحدى تجارب CERN، وفي العام 2010، احتجزوا الهيدروجين المضاد في مصيدة لمدة 30 دقيقة. في النهاية، يفنى الهيدروجين المضاد تحت تأثير جدران الوعاء الخاص بالتجربة أو التفاعل مع الغازات في الوسط. 

هناك بضع طرقٍ مختلفة لإنتاج الهيدروجين المضاد في المختبر، وتتضمن جميعها تصادم أو تشتت الجسيمات على بعضها البعض. في الدراسة الجديدة، ركّز العلماء على تفاعل يقود خلاله البروتون المضاد بالتشتت على بوزيترونيوم يُمثل حالة ترابط تتألف من بوزيترون وإلكترون عادي. وفي هذه العملية، يُمكن النظر إلى البوزيترونيوم على أنه ذرة هيدروجين يُستبدل البروتون فيها ببوزيترون. وحتى الآن، فإن تفاعل تشتت البروتون المضاد-البوزيترونيوم دُرس بمعظمه عندما يكون البوزيترونيوم في الحالة الأرضية. 

في الدراسة الجديدة، برهن العلماء نظرياً على أن تصادمات البروتون المضاد مع البوزيترونيوم التي تحصل في حالة مثارة بدلاً من الحالة الأرضية قد تُعزز من إنتاج الهيدروجين المضاد بكميات معتبرة، وخصوصاً عند الطاقات المنخفضة. 

يقول كاديروف: "تُبين حساباتنا أن أكثر الطرق فعالية في إنتاج الهيدروجين المضاد هي صد البروتونات المضادة البطيئة مع البوزيترونيوم، الذي يتم تحضيره في حالةٍ مثارة، وهو أمر نُجريه اليوم بشكلٍ روتيني باستخدام الليزر".

ويتابع كلامه قائلاً: "تبين أن تشكل الهيدروجين المضاد يزداد بعدة مراتب عندما يكون البوزيترونيوم في حالة مثارة مقارنةً بالحالة الأرضية وذلك ناجمٌ عن السلوك منخفض الطاقة وغير المتوقع، والذي تم اكتشافه في حساباتنا".

للمرة الأولى على الإطلاق، تسمح تلك الحسابات النظرية بالحصول على تقدير واقعي لمعدلات تشكل الهيدروجين المضاد جراء تشتت البروتون المضاد-البوزيترونيوم عند طاقات منخفضة. 

ولأن الطاقات المنخفضة أكثر أهمية في التجارب من الطاقات المرتفعة، يأمل العلماء أن تفتح هذه الطريقة الباب أمام صنع الهيدروجين المضاد البارد، والذي من الممكن استخدامه في اختبار الخواص الأساسية للمادة المضادة. 

يقول كاديروف: "يعمل علماء من ALPHA وATRAP وAEgIS وGBAR في CERN على إنتاج واحتجاز الهيدروجين المضاد بكمياتٍ معتبرة للاستفادة منه في تجارب الخواص الثقالية والطيفية للهيدروجين المضاد".

ويُضيف: "نعتقد أن الآلية الفعالة لتشكل الهيدروجين المضاد في بحثنا كشفت عن إمكانية استخدامها لتبسيط إجراء هذه الدراسات". يُخطط العلماء لدراسة آلية إنتاج الهيدروجين المضاد بتفصيلٍ أكبر في المستقبل، ويهدفون إلى الحصول على نتائج أفضل. 

يقول كاديروف: "حالياً، يُمكن إثارة البوزيترونيوم إلى حالات طاقية مرتفعة تُعرف بحالات ريدبيرغ Rydberg states". ويختم: "لاحقاً، نُريد دراسة تصادمات البروتون المضاد مع البوزيترونيوم الموجود في مثل تلك الحالات. وبوجود التعزيز الذي حصلنا عليه بالنسبة للحالات منخفضة الإثارة، يستطيع المرء توقع مدى كبر التعزيز الذي سيحصل عليه. وقد يفتح ذلك باباً واسعاً أمام إنتاج أشعة الهيدروجين المضاد منخفضة الطاقة لإجراء التجارب الطيفية، أو قياسات الانقسامات فائقة الدقة للهيدروجين المضاد".

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: