الخميس، 16 أكتوبر 2014

ما هو المجهر المفلور عالي الدقة ؟


تم الإعلان عن جائزة نوبل للكيمياء لسنة 2014 وكانت من نصيب كل من ايريك بيتزيغ Erik Betzig من مؤسسة هوارد هيوز الطبية Howard Hughes Medical Institue، وستيفان هيل Stefan Hell من معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوية الفيزيائية Max Planck Institute for Biophysical Chemistry،
وويليام مورنر William Moerner من جامعة ستانفورد Stanford University.

ويعتبر المجهر المفلور عالي الدقة Super-resolution light microscopy سبب حصول هؤلاء العلماء على جائزة نوبل للكيمياء لهذه السنة. لنتعرف من خلال هذا المقال على أهمية هذا المجهر، والتي جعلت منه الحدث الأكبر بالنسبة للكيميائيين هذه السنة.

يعتبر عمل هؤلاء العلماء على مدى سنين، عملاً رائداً في تحسين الصور الطبية الحيوية، حيث استفادوا من ميزات السلم النانوي من أجل الحصول على التفاصيل الدقيقة ضمن الخلايا.

سمحت التقنيات التي طوروها بالحصول على صور بدقة عالية جداً مقارنة بالمجاهر الضوئية. يقوم أساس عملهم بالتحايل على مشكلة “حدود الانعراج Diffraction Limit” وهي عدم قدرة المجهر الضوئي على التمييز بين البنى التي تكون أبعادها أقل من نصف طول موجة الضوء المرئي أو حوالي 200 نانومتر. سمح هذا التطوير بالقدرة على تمييز البنى النانوية –ومن ضمنها الجزيئات المفردة- والقدرة على رؤيتها ضمن الخلايا وهي حية، وهي ميزة لا يمكن القيام بها باستخدام تقنيات أخرى مثل المجاهر الالكترونية.

يقول سفين ليدين Sven Lidin عضو لجنة جائزة نوبل للكيمياء: “يكون مجال التفاعلات في الكيمياء و الكيمياء الحيوية ضمن أبعاد من القياس هو أقل من طول موجة الضوء المرئي. إنّ ما قدمه الحاصلون على جائزة نوبل هو إمكانية دراسة التفاعلات الجزيئية بشكل واضح”.

قام فريق هيل في معهد ماكس بلانك سنة 2000 بتطوير الإصدار المحثوث المستنفذ STED، من أجل الحصول على صور مجهرية ضوئية عالية الدقة. تستخدم هذه التقنية ليزر أولي يسلط على جزيئات مفلورة متوضعة ضمن عينة من أجل المساعدة على رؤيتها. يستخدم ليزر ثان من أجل تخميد عملية الفلورة عدا منطقة بأبعاد النانومتر عند مركز الليزرين. بمسح العينة أثناء تسليط الليزرين عليها، تتشكل صورة بدقة عالية للبنى المدروسة وبسماكة نانومتر واحد، بنى مثل خلية المتعضيات التي يتم بنائها، طالما أنه سيتم إلغاء الضوء من جزيئات مفلورة أخرى قد تشكل صورة ضبابية.


لقطات من جزيئة واحدة

بشكل منفصل، طرح كلاً من بيتزيغ ومورنر أساس تقنية أخرى تسمى بمطيافية الجزيء المفلور الوحيد Single Fluorophore Microscopy، عن طريق إظهار أنه يمكن الكشف عن الضوء الصادر من جزيئة مفلورة وحيدة. بالعمل من هذه المعلومة كمنطلق، أظهروا أنه من الممكن الحصول على صور ذات دقة عالية، لقطة وراء لقطة بإدخال كميات ضئيلة من البروتينات المفلورة ضمن عينة، عن طريق إثارة البروتينات ضمن العينة باستخدام نبضة ضوئية ضعيفة. بما أنّ البروتينات هي قليلة وبعيدة عن بعضها ضمن العينة، سوف تتوهج البروتينات عندما تكون الأبعاد فيما بينها أكبر من 200 نانومتر- وهي حدود الانعراج في المطيافية الضوئية. عندما “تحترق” الجزيئات البروتينية المفلورة، سوف تعيد عملية الإثارة مرة بعد مرة، مما يؤدي لأخذ الكثير من لقطات البروتينات المنتشرة ضمن العينة. تؤدي هذه الصور لبناء صورة بدقة عالية للعينة، مرة أخرى، صورة استطاعت التحايل على القيود المفروضة للمجاهر الضوئية بسبب الأطوال الموجية.

بمكن لمطيافية جزيء واحد أن تعطي صورة عالية الدقة من خلال تركيب لقطات عديدة للبروتينات المفلورة



في السنوات التي تلت هذه التقنيات، استطاع علماء الأحياء من تتبع حركة الجزيئات المؤشرة أو مؤشرات الأورام ضمن الخلايا، مثلاً رسم خرائط التغيرات الجزيئية ضمن خلية عصبية خلال التعلم.

يأمل الباحثون الثلاثة أن يكون لأعمالهم في تحسين تصوير البنى ضمن الجسم، على تطوير فهم العمليات والتفاعلات الحيوية وذلك حتى حدود قريبة من المستوى التي تحدث عندها، أي فهم العمليات ضمن جسم الانسان وفق أصغر سلالم القياس وهو السلم النانوي.

ترجمة: ميشيل رحال
المصدر : الكيمياء العربي



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: