قضى المجتمع الفيزيائي ما يعادل ثلاثة عقود في البحث عن المادة المظلمة -المكونة من جسيمات صغيرة وغريبة -ولكنه لم يكتشف شيئاً من ذلك.
يقترح فيزيائيون نظريون من جامعة (Case Western Reserve) أنه على الباحثين الأخذ بعين الاعتبار مرشحين آخرين، يمتلكون كتلة أكبر، وموجودين في الواقع العادي.
يُمكن للمادة المظلمة غير المرئية جنباً إلى جنب مع المادة العادية أن تخلق الجاذبية التي تمنع - بالإضافة إلى عوامل أخرى -المجرات من الابتعاد عن بعضها البعض. يُقدر الفيزيائيون بأن المادة المظلمة تُكون حوالي "27%" من الكون؛ في حين تصل نسبة المادة العادية إلى حوالي "5%".
يقترح الباحثون أن بدلاً من الـ (WIMPs) –الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل – أو الأكسيونات (axions) -ضعيفة التفاعل ومنخفضة الكتلة -ربما تكون المادة المظلمة عبارة عن أجسام ماكروسكوبية، ويُمكن أن تقع أحجامها في أي مكان بين بضعة أونصات وحتى حجم كويكب جيد، وربما تمتلك هذه المادة كثافة مساوية لكثافة نجم نيوتروني، أو لنواة ذرة.
يقول بروفسور الفيزياء، غلين ستاركمان (Glenn Starkman)، وديفيد جاكوبز (David Jacobs) الذي حصل مؤخراً على شهادة الدكتوراه في الفيزياء من (CWRU) في مايو وهو الآن زميل في جامعة (كاب تاون) "ان المراقبات التي نُشرت تُقدم توجيهاً يُشير إلى المكان الذي علينا النظر إليه، وقاموا بوضع كل الاحتمالات في الورقة المنشورة في (arXiv)".
لن تُقزم الماكروس (Macros) –كما دعاها كل من ستاركمان وجاكوبز –من الـ (WIMPs) والإكسيونات فقط، وإنما ستختلف عنها بشكلٍ كبير، يُمكن لتلك الأجسام أن تتشكل عبر اجتماع جسيمات موجودة في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، بدلاً من حاجتها إلى فيزياء جديدة من أجل تفسير وجودها.
يقول ستاركمان: "استمرينا بالبحث عن الـ (WIMPs) لمدة طويلة من الزمن ولم نشاهدها أبداً، توقعنا أن نصنع الـ (WIMPs) في المصادم الهادروني الكبير، ولم نستطع ذلك أيضاً".
وفقاً للباحثين، تستمر كل من الـ (WIMPs) والإكسيونات كمرشحين محتملين بخصوص المادة المظلمة، لكن هناك سبب يدفع للبحث في أماكن أخرى. يضيف ستاركمان "أعرض المجتمع عن فكرة أن المادة المظلمة يمكن أن تكون مصنوعة من أشياء عادية في ثمانينيات القرن الماضي. نسأل: هل كان ذلك الأمر صحيحاً بالكامل وما الذي أدرانا كون المادة المظلمة ليست شيئاً أكثر اعتيادية –شيء يُمكن أن يكون مصنوع من الكواركات والالكترونات".
بعد استبعاد المواد الأكثر اعتيادية، بما في ذلك المشتريات الفاشلة والأقزام البيضاء والنجوم النيوترونية والثقوب السوداء النجمية والثقوب السوداء الموجودة في مراكز المجرات والنيوترينوهات كمرشحين محتملين، حوّل الفيزيائيون تركيزهم نحو الأشياء الغريبة. لطالما كانت المادة الموجودة في مكان ما بين العادية والغريبة -أقارب النجوم النيوترونية والنوى الضخمة –متروكةً فوق الطاولة.
يقول ستاركمان "نقول أقارب لأنها ربما تكون خليطاً معتبراً من الكواركات الغريبة التي يُمكن خلقها في المسرعات وتمتلك أعمار قصيرة جداً".
على الرغم من أن الكواركات الغريبة (strange quarks) غير مستقرة بشكلٍ مرتفع، إلا أن ستاركمان يُشير إلى أن النيترونات غير مستقرة أيضاً، ولكن في الهيليوم وعند الإرتباط مع البروتونات المستقرة، تبقى النيترونات مستقرة.
يقول ستاركمان: "يفتح ذلك الأمر إحتمالية أن المادة النووية الغريبة والمستقرة قد تمَّ خلقها في وقتٍ مبكر من عمر الكون، والمادة المظلمة ليست أكثر من تكتلات مؤلفة من المادة النووية الغريبة أو من حالات ترابط أخرى للكواركات، أو الباريونات المؤلفة بدورها من الكواركات". ويُمكن لمثل هذه المادة المظلمة ان تنسجم مع النموذج القياسي.
يستنتج كل من (ستاركمان وجاكوبز) أن (الماكروس) جُمعت من كواركات عادية وغريبة أو باريونات قبل أن تتفكك الباريونات والكواركات الغريبة، وتم ذلك الأمر عند درجات حرارة فاقت الـ "3.5 تريليون" درجة سيلسيوس وهي قريبة من درجة الحرارة الموجودة في مركز سوبرنوفا ضخمة، وخلال تلك العملية اجتمعت الكواركات مع بعضها البعض بنسبة وصلت إلى "90%", تاركةً "10%" من أجل تشكيل البروتونات والنيترونات التي نشاهدها في الكون اليوم.
-حدود المادة المظلمة المُحتملة هي التالي:
• حد أصغر يصل إلى "55 غرام"، وإذا كانت المادة المظلمة أصغر من ذلك، لكان من الممكن رؤيتها في الكواشف الموجودة في سكايلاب أو تم تعقبها على صفائح من الميغا.
• حد أعظم يصل إلى "1024 (مليون مليار مليار) غرام"، وفوق هذا الرقم، ستكون (الماكروس) أضخم بكثير بحيث يمكنها حني الضوء وهو الأمر الذي لم تتم رؤيته أبداً.
• يجب استبعاد القيم الواقعة في المجال من "1017" إلى "1020" غرام في السنتيمتر مربع وفقاً للباحثين، وذلك لأن المادة المُظلمة الموجودة في ذلك المجال ستكون ضخمة بالنسبة لعملية التعديس الثقالي وللتأثير على الفوتونات المفردة والقادمة من انفجارات الأشعة غاما وهذا أمر لم تتم ملاحظته أيضاً.
• عند كتلة تصل إلى "1018 غرام"، ستقوم المادة المُظلمة المُكونة من (الماكروس) بصدم الأرض وبمعدل يصل إلى مرة واحدة كل مليار عام.
• عند كتل أقل من ذلك، ستقوم بصدم الأرض بمعدلات أكثر تردداً ولكن ربما تترك ورائها سجلاً أو علامات قابلة للرصد.
• في المجال من "109" إلى "1018، ستقوم المادة المُظلمة بالتصادم مع الأرض مرة واحدة في العام، وهو أمرٌ يُشير إلى عدم جدوى كواشف المادة المُظلمة المدفونة تحت الأرض.