الخميس، 20 نوفمبر 2014

الحقول المغناطيسية للنيازك تكشف عن كيفية تشكل الكواكب



تقدم أكثر القياسات المخبرية دقةً للحقول المغناطيسية المحتجزة داخل حبيبات، موجودة في نيازك أولية، أدلةً مهمة جداً عن كيفية تطور نظامنا الشمسي خلال مراحله المبكرة؛ وتُشير القياسات إلى أن أمواج صدمة، التي تتحرك عبر سحابة من الغاز الغباري المحيط بالشمس المولودة حديثاً، عامل رئيسي في تشكل النظام الشمسي.

ظهرت النتائج في ورقة علمية نُشرت في عدد 13 نوفمبر من مجلة العلوم؛ المؤلف الرئيسي للورقة هو طالب الدراسات العليا روجر فو (Roger Fu) من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا والذي يعمل تحت إشراف بينجامين فايز (Benjamin Weiss) وستيف ديش (Steve Desch) من مدرسة استكشاف الأرض والفضاء في جامعة ولاية اريزونا.

يقول ديش "القياسات التي أجراها فو وفايز مذهلة وغير مسبوقة؛ ولا يعود السبب في ذلك إلى أنهم قاموا بقياس حقول مغناطيسية صغيرة جداً، وهي أضعف بألاف المرات من قدرة الاستشعار لدى البوصلة فقط، وإنما لقيامهم أيضاً برسم التغيرات الحاصلة في الحقول المغناطيسية التي تم اختزانها في النيازك وقاموا بذلك الأمر على كامل أجزاء النيازك".

• حطام الإنشاء 
قد يبدو من المستحيل تحديد كيفية تشكل النظام الشمسي خصوصاً مع معرفة أن هذا الأمر حصل قبل حوالي 4.5 مليار عام؛ لكنَّ صناعة النظام الشمسي كانت عملية فوضوية وتركت الكثير من الحطام الناتج عن التشكل خلفها من أجل أن يقوم العلماء بدراستها.

تعتبر الأجزاء من النوع الأكثر قدماً وأوليةً وتأثراً هي الأفضل بين الجميع؛ وتعرف بالكوندرايت (chondrites)؛ نيازك الكوندرايت عبارة عن أجزاء من كويكبات تحطمت جراء عمليات التصادم وبقيت هذا الأجزاء دون أي تعديل تقريباً لأنها تشكلت أثناء ولادة النظام الشمسي؛ تلك النيازك مكونة بمعظمها من الحبيبات الحجرية الصغيرة والمعروفة بالكوندرولات (chondrules)، والتي بالكاد يصل قطرها إلى ميليمتر واحد.

تشكلت الكوندرولات نفسها جراء أحداث الانصهار السريعة التي حصلة داخل سحابة الغاز –والسديم الشمسي –المحيطة بالشمس الشابة؛ لابد وأن أقساماً من السديم الشمسي قد تمَّ تسخينها إلى درجة فاقت نقطة الانصهار الخاصة بالصخر لفترة من الزمن امتدت من ساعات إلى أيام. 

قامت الكرات الغبارية المحتجزة في هذه الأحداث بخلق قطرات من الصخر المنصهر، الذي برد بدوره وتبلور إلى كوندرولات.

• مغانط صغيرة
مع هبوط درجة حرارة الكوندرولات، أصبحت المعادن الحاملة للحديد والموجودة داخلها ممغنطة مثل تلك التي توجد في القرص الصلب؛ ونتج ذلك الأمر عن الحقل المغناطيسي المحلي الموجود في الغاز؛ وتم حفظ تلك الحقول المغناطيسية داخل الكوندرولات حتى يومنا هذا.

نتجت حبيبات الكوندرول، التي تمَّ رسم حقولها المغناطيسية في الدراسة الجديدة، عن نيزك يُعرف بسيماركونا نسبةً للمكان الذي سقط فيه النيزك في الهند عام 1940؛ ويزن ذلك النيزك حوالي 691 غرام، او ما يعادل باونداً ونصف.

ركز العلماء بشكلٍ خاص على الحقول المغناطيسية المدفونة والمحتجزة بوساطة الحبيبات الزيتية "الغبارية" التي تحتوي على كميات وفيرة من المعادن الحاملة للحديد؛ ووصلت شدة تلك الحقول المغناطيسية إلى حوالي 54 ميكرو تسلا، وهي مشابهة للحقل المغناطيسي الموجود فوق سطح الأرض –الذي يتغير بدوره بين القيمتين 25 و65 ميكروتسلا.

ومصادفةً، أكدت العديد من القياسات السابقة وجود هذا التشابه في الشدة بين الحقول؛ لكن اليوم فقط تمَّ فهم أن تلك القياسات، المكتشفة في المعادن المغناطيسية المشوبة بالحقل المغناطيسي للأرض، اٌستخدمت من قبل مجمعات نيزكية.

يقول ديش "تقيس التجارب الجديدة المعادن المغناطيسية في الكوندرولات والتي لم تُقاس في السابق أبداً؛ تقوم تلك التجارب أيضاً بإيضاح أن الكوندرول ممغنط بشكلٍ مشابه لقضيب مغناطيسي صغير، لكن الاتجاه ‘الشمالي‘ عشوائي تماماً".

ويضيف بأن ذلك الأمر يُشير إلى أنها أصبحت ممغنطة قبل أن يتم بنائها في النيازك وليس أثناء وجودها فوق سطح الأرض.

• صدمات وصدمات أكثر 
يشرح ديش "توضح النمذجة التي أجريتها لأحداث التسخين تلك أن أمواج الصدمة التي عبرت السديم الشمسي هي من قام بصهر معظم الكوندرولات"؛ ويعتمد ذلك الأمر على قوة وحجم موجة الصدمة وعلى الحقل المغناطيسي الموجود في الخلفية والذي يُمكن تضخيمه إلى حوالي 30 مرة تقريباً. 

ويضيف ديش "بوجود قيمة للحقل المغناطيسي تصل إلى 54 ميكروتسلا، ويوضح ذلك الأمر أن حقل الخلفية الموجود في السديم وقعت قيمته في المجال من 5 إلى 50 ميكروتسلا".

هناك أفكار أخرى تشرح كيفية تشكل الكوندرولات ربما؛ ويتضمن بعضها توهجات مغناطيسية فوق السديم الشمسي، أو العبور خلال الحقل المغناطيسي للشمس؛ لكن تلك الآلية تتطلب وجود حقول مغناطيسية أشد قوةً من تلك التي تمَّ قياسها في عينات سيماركونا (Semarkona).

يعزز هذا الأمر من الفكرة التي تقول بأن الصدمات قامت بصهر الكوندرولات داخل السديم الشمسي في نفس موقع الحزام الكويكبي الموجود اليوم؛ والذي يقع على بعد مسافة عن الشمس أكبر من مدار الأرض بحوالي من 2 إلى 4 مرات.

يقول ديش "هذا هو القياس الأول الدقيق والواقعي للحقل المغناطيسي للغاز الذي تشكلت منه كواكبنا".



المصدر
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: