ملاحظة : (( يمكن للعين البشرية التقاط الضوء فقط عند أطوال موجية تدخل في مجال ما يسمى بالطيف المرئي visible spectrum.الأطوال الموجية الأخرى كالأشعة تحت الحمراء و الأشعة فوق البنفسجية من المفترض أن تكون غير مرئية للعين البشرية. و لكن علماء في جامعة واشنطن اكتشفوا بأنه تحت ظروف معينة، يمكننا رؤية الأشعة تحت الحمراء )).
سيخبرك أي كتيب علمي بأنه لا يمكنك رؤية ضوء الأشعة تحت الحمراء كالأشعة السينية و موجات الراديو، وذلك لأن ضوء تلك الأشعة خارج ناطق الطيف المرئي. ولكن فريقا دوليا من الباحثين بقيادة علماء من جامعة واشنطن كلية الطب في ساينت لويس اكتشفوا بأنه تحت ظروف معينة يمكن لشبكية العين تحسس ضوء الأشعة تحت الحمراء.
باستخدام خلايا من شبكيات أعين للفئران و البشر، و ليزر قوي يمكنه إرسال نبضات من الأشعة تحت الحمراء، اكتشف الباحثون بأنه عندما ينبض ضوء الليزر بشكل سريع تستطيع الخلايا تحسس الضوء في الشبكية، و تتلقى ضربة مزدوجة من طاقة الأشعة تحت الحمراء. و عند حدوث ذلك تستطيع العين استشعار الضوء الساقط خارج الطيف المرئي.
و قال كبير الباحثين Vladimir J. Kefalov، و هو أستاذ مساعد في طب العيون و علوم البصريات في جامعة واشنطن: "نحن نستخدم ما تعلمناه في هذه التجربة، لمحاولة تطوير أداة جديدة تسمح للأطباء ليس فقط بفحص العين و لكن أيضاً لمحاكاة أجزاء معينة من شبكية العين، لتحديد إذا ما كانت تعمل بشكل سليم. وفي النهاية نأمل بأن هذا الاكتشاف سيكون له تطبيقات عملية".
نشرت هذه النتائج في الأول من ديسمبر، في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم على الانترنت. و شمل المشاركون في البحث علماء من كليفلاند و بولندا و سويسرا و النرويج.
وقد بدأ البحث في هذا الصدد بعدما أشار علماء في الفريق بأنهم رأوا ومضات من الضوء الأخضر بشكل متقطع، عند عملهم على ليزر الأشعة تحت الحمراء. و بعكس مؤشرات الليزر المستخدمة في قاعات المحاضرات و لعب الأطفال، فإن الليزر القوي الذي استخدمه العلماء يرسل موجات ضوئية كان من المعتقد بأنها غير مرئية للعين البشرية.
وقال Frans Vinberg أحد المحررين الرئيسيين لورقة البحث وهو باحث مساعد في قسم طب العيون و علوم البصريات في جامعة واشنطن: "لقد كانوا قادرين على رؤية ضوء الليزر الذي كان خارج نطاق الرؤية الطبيعية، و أردنا أن نعرف حقا كيف كانت لهم القدرة على استشعار الضوء الذي من المفترض أن يكون غير مرئي".
فينبرغ Vinberg و كيفالوف Kefalov و زملائهم اطلعوا على أبحاث علمية سابقة إضافة لتقارير لأناس قالوا بأنهم قد رأوا ضوء الأشعة تحت الحمراء. ثم قاموا بإعادة تجارب سابقة تمت خلالها مشاهدة الضوء تحت الأحمر، وقاموا بتحليل الضوء الناتج عن ليازر مختلفة ليروا ما يمكن تعلمه بخصوص هذا الضوء، و كيف و لماذا من الممكن رؤيته أحياناً.
و يضيف فينبرغ شارحا: "لقد استخدمنا نبضات من الليزر بمدد مختلفة ترسل نفس كمية الفوتونات، و وجدنا بأنه كلما كانت مدة النبضة قصيرة كلما زاد احتمال رؤيتها من طرف الإنسان. و بالرغم من أن الوقت بين النبضات كان قصيراً للغاية بحيث يصعب ملاحظته بالعين المجردة، إلا أن وجود نبضات في حد ذاته مهم جداً للسماح للأشخاص برؤية هذا الضوء".
عادة يتم امتصاص جزيء الضوء و الذي يسمى "فوتون" من قبل شبكية العين، التي بدورها تصنع جزيئا يسمى "الخضاب الضوئي" photopigment. يؤدي ذلك إلى بداية عملية تحويل الضوء إلي صورة مرئية. وفي الرؤية العادية كل مجموعة كبيرة من هذه الأخضبة الضوئية تقوم بامتصاص فوتون واحد فقط.
و لكن حشد عدد كبير من الفوتونات في نبضة ضوئية واحدة من الليزر ذي النبضات السريعة، يجعل من الممكن لفوتونين أن يتم امتصاصهما دفعة واحدة بواسطة الخضاب الضوئي، و الطاقة المدمجة لجسيمي الضوء ستكون كافية لتنشيط الخضاب و السماح للعين برؤية ما لا يمكن رؤيته عادة.
و قال Kefalov "يحتوي الطيف المرئي على موجات ضوئية يتراوح طولها مابين 400-720 نانومتر، و لكن إذا تعرض الخضاب الموجود في شبكية العين إلى فوتونين سريعين و متعاقبين طولهما الموجي 1000 نانومتر، سيقوم الفوتونان بتوصيل نفس كمية الطاقة لفوتون واحد طوله 500 نانومتر، و الذي يقع ضمن نطاق الطيف المرئي، و بهذه الطريقة نتمكن رؤيته". **
و على الرغم من أن العلماء المشاركين في هذا البحث هم أول من أعلن عن قدرة العين على رؤية الضوء من خلال هذه الآلية، إلا أن فكرة استخدام ليزر أقل قوة لجعل الأشياء مرئية ليست بفكرة جديدة.
على سبيل المثال الميكروسكوب ثنائي الفوتون يستخدم الليزر للكشف عن الجزيئات المستشعة fluorescent molecules في الأنسجة. و قد أضاف الباحثون بأنهم يعملون بالفعل على طرق لاستخدام طريقة الفوتونين في نوع جديد من مناظير العين. منظار العين ophthalmoscope هو أداة يستخدمها الأطباء لفحص الجزء الداخلي من العين.
الفكرة هي أن إرسال نبضات من ليزر الأشعة تحت الحمراء للعين، سيمكن للأطباء من محاكاة أجزاء من شبكية العين، للإطلاع أكثر على تركيبتها و وظيفتها بالنسبة للعين السليمة، و كذلك للاشخاص الذين يعانون من أمراض الشبكية كالتنكس البقعي.
** (إضافة المراجع) طاقة موجة ضوئية هي E = h*c/λ، حيث h هي ثابتة بلانك، c هي سرعة الضوء، و λ هي الطول الموجي. إذا كان هنالك شعاعان كهرمغناطيسيان 1 و 2 بحيث يكون الطول الموجي للأول ضعف الطول الموجي للثاني، فستكون طاقة الشعاع الأول نصف طاقة الشعاع الثاني.