القزم الأبيض هو ما ستؤول إليه الشمس بعد أن ينفذ وقودها النووي؛ فعندما تقترب هذه النجوم من مرحلة نفاذ وقودها النووي، تقوم بسكب معظم موادها الموجودة في الطبقات الخارجية منها، ما يؤدي إلى تشكل سديم كوكبي؛ والقلب الساخن للنجم هو الناجي الوحيد في هذه العملية.
يُصبح هذا القلب قزماً أبيضاً ساخناً جدا وبدرجة حرارة تزيد عن 100000 كلفن؛ إذا لم يتم جمع المادة من نجم قريب، فإن القزم الأبيض يبرد خلال مليار عام أو ما يُقارب ذلك.
تم اكتشاف العديد من الأقزام البيضاء الشابة والقريبة منّا وهي مصدر لأشعة اكس منخفضة الطاقة أو الناعمة؛ ومؤخراً، أصبحت المراقبات باستخدام الأشعة اكس الناعمة والأشعة فوق البنفسجية الشديدة أداة فعالة في دراسة تركيب وبنية الغلاف الجوي الرقيق لهذه النجوم.
تبلغ كتلة نجم قزم أبيض نموذجي حوالي نصف كتلة الشمس؛ وهو أكبر حجماً من الأرض بقليل؛ ويمتلك نجم قزم أبيض له حجم الأرض كثافة تصل إلى 10^9 كيلوغرام في المتر المكعب؛ علما أن الكثافة الوسطية للأرض هي 5.4*10^3 كيلوغرام في المتر المكعب.
يعني ذلك أن كثافة القزم الأبيض أكبر من كثافة الأرض بحوالي 200000 مرة؛ ويجعله هذا الأمر واحداً من بين التجمعات الأكثف للمادة في الكون –لا يتجاوزه في هذا الأمر إلا النجوم النيوترونية.
ماذا يُوجد داخل القزم الأبيض؟
الأقزام البيضاء غير قادرة على خلق الضغط الداخلي (على سبيل المثال، عبر الطاقة الناجمة عن الاندماج النووي لأن الاندماج قد توقف)؛ وبالتالي تقوم الجاذبية بضغط المادة نحو الداخل وصولاً إلى قيام حتى الالكترونات، المؤلفة لذرات القزم الأبيض، بالتصادم مع بعضها البعض.
في الظروف العادية، لا يُمكن للالكترونات المتطابقة أن تحتل نفس السوية الطاقية (الالكترونات التي تمتلك السبين نفسه)؛ وهذا الأمر ناتج عن وجود طريقتي دوران فقط للالكترون وبالتالي يُمكن لالكترونين فقط أن يحتلا سوية طاقية معينة؛ ويُعرف هذا الأمر في الفيزياء بمبدأ الاستبعاد لباولي.
في الغاز العادي، لا يُشكل هذا الأمر مشكلة بسبب عدم وجود عدد كافي من الالكترونات العائمة من أجل ملء كل السويات الطاقية المتاحة بشكلٍ كامل؛ لكن في القزم الأبيض: الكثافة أعلى بكثير والالكترونات موجودة عند مسافات قريبة جداً من بعضها البعض ويُشار إلى هذه الحالة بالغاز (المنحل) –أي أن جميع السويات الطاقية الموجودة في الذرات ممتلئة بالالكترونات.
من أجل أن تقوم الجاذبية بضغط القزم الأبيض بمقدارٍ أكبر، يتوجب عليها إجبار الالكترونات على الذهاب إلى أماكن لا يُمكنها الذهاب إليها؛ وحالما ينحل النجم، لا تستطيع الجاذبية بعد ذلك القيام بممارسة أي ضغط زائد لأن ميكانيك الكم تقول حينها بعدم وجود أي فضاء متاح كي يتم استغلاله.
لذلك ينجو قزمنا الأبيض ولم يعتمد الأمر على الاندماج النووي الداخلي وإنما على مبادئ ميكانيك الكم التي منعته من الاستمرار في الانهيار.
تمتلك المادة المنحلة خواص غير اعتيادية؛ فعلى سبيل المثال، كلما كانت كتلة القزم الأبيض أكبر، كلما كان أصغر لأنه كلما كانت كتلة القزم الأبيض أكبر، يجب ضغط الكتروناته بشكلٍ أكبر من أجل الحفاظ على ضغط نحو الخارج كافٍ من أجل دعم المادة الزائدة.
على أية حال، هناك حدود للكتلة التي يُمكن أن تُوجد في قزم أبيض ما. اكتشف سابرامنين تشاندرا سيغار أن هذا الحد يبلغ 1.4 ضعف كتلة الشمس؛ وهو ما أصبح يُعرف لاحقاً باسمه "حد تشاندرا سيغار".
بوجود جاذبية سطحية تفوق جاذبية الأرض بمائة ألف مرة، يكون الغلاف الجوي للقزم الأبيض غريب جداً؛ إذ يتم ابتلاع الذرات الأثقل الموجودة في الغلاف الجوي، في حين تبقى الذرات الأخف فوق السطح.
تمتلك بعض الأقزام البيضاء أغلفة جوية نقية جداً ومكونة من الهيدروجين فقط أو الهليوم –أخف العناصر. أيضاً، تسحب الجاذبية الغلاف الجوي إلى مكان قريب جداً وتجعله رقيق جداً؛ وإذا ما حصل هذا الأمر على الأرض، ستكون قمة الغلاف الجوي تحت قمم ناطحات الساحب.
يُخمن العلماء بوجود قشرة بسماكة 50 كيلومتر تحت الغلاف الجوي للعديد من الأقزام البيضاء؛ وفي قاع هذه القشرة، هناك شبكة بلورية مكونة من ذرات الكربون والأكسجين؛ وطالما أن الألماس عبارة عن كربون متبلور، يُمكن للشخص حينها المقارنة بين قزم الكربون/الأكسجين الأبيض البارد وبين الألماس.