مادّة غريبة برّاقة اللون حيّرت الفيزيائيين على مدى عقود ، و تَبيّن أنها حالة شاذة من المادة قد تفتح طريقاً جديداً للحواسيب الكمومية وإلكترونيات الجيل القادم الأخرى.
حيث اكتشف فيزيائيون من جامعة ميشيغان عدة خصائص لمركّب سداسي بوريد السمريوم SmB6 أعطت آمال كبيرة في ايجاد سليكون عصر الفيزياء الكمومية، كما أن نتائجهم أغلقت قضية تصنيف تلك المادة، ذلك اللغز الفيزيائي القائم منذ ستينيات القرن الماضي.
حيث اكتشف فيزيائيون من جامعة ميشيغان عدة خصائص لمركّب سداسي بوريد السمريوم SmB6 أعطت آمال كبيرة في ايجاد سليكون عصر الفيزياء الكمومية، كما أن نتائجهم أغلقت قضية تصنيف تلك المادة، ذلك اللغز الفيزيائي القائم منذ ستينيات القرن الماضي.
قدّم الباحثون أول دليل على أن مادة SmB6 هي مادة عازلة تبولوجياً topological insulator ، تثير العازلات التبولوجية شغف الفيزيائيين، حيث أن سطحها الخارجي ينقل التيار الكهربائي كالمعادن ، أمّا الجزء الداخلي منها فيمنعه كالمطّاط. انّها تتصرف بشكل مزدوج على الرغم من أن التركيب الكيميائي هو نفسه داخلاً وخارجاً.
استخدم علماء جامعة ميتشيغان تقنية تدعى القياس المغناطيسي للعزم، لمراقبة التغيرات في استجابة هذه المادة للحقل المغناطيسي ، وبالتالي معرفة سلوك التيار الكهربائي فيها. و لاحظ العلماء أن سطحها يحوي كمية نادرة من الكترونات ديراك (هي الكترونات تتصرف كالضوء، فمثلاً تتحرك جميعها بنفس السرعة )، وهي جسيمات من المتوقع أن تساعد الباحثين في تخطّي إحدى أكبر العقبات في عالم الحوسبة الكمي.
تلفت هذه الخصائص انتباه العلماء لأن SmB6 معروفٌ عنها أنها مادّة مترابطة بقوّة، حيث تتفاعل الكتروناتها مع بعضها بشكل أقرب من معظم المواد الصلبة الأخرى. ويساعد ذلك على منع مرور التيار الكهربائي في الجزء الداخلي. فقبل الآن لم يستطع أحد ايجاد الكترونات ديراك في مادة شديدة الترابط. حيث اعتقد العلماء أن الارتباط الشديد للمادة سيؤثر سلباً على وجودهم ، أمّا الآن فتبيّن أن ذلك خطأ ، وأنه من الممكن ايجاد مادة تحمل هاتين الخاصتين معا (الترابط الشديد و الكترونات ديراك) . حسب الباحثين سوف يتم البحث عن البديل المناسب لأن هذه المادة ربما ليست الأنسب" حيث تحصل هذه النتائج للتجربة في درجات الحرارة المنخفضة جداً فقط.
ان هذا الفهم الأعمق لسداسي بوريد السماريوم سيعطي المهندسين فرصة أكبر لأن يتحكموا بمجرى التيار الكهربائي داخل الحواسيب الكمومية كما يفعلون مع السيلكون في الحواسيب التقليدية.
تستخدم الحواسيب الكمومية جسيمات كالذرات أو الإلكترونات لإجراء عمليات المعالجة والتخزين ، و تحسين القدرة الحاسوبية بشكل هائل نظراً لقدرتها على اجراء عشرات العمليات الحسابية في وقت واحد، كما تستطيع الحواسيب الكمومية تطوير الأمن الحاسوبي .
تستعيض الحواسيب الكمومية عن الأصفار و الواحدات (bits) في الحواسيب العادية ، بما يدعى qubits أو البتّات الكمومية .والفرق هو أن الـ bit العادي يأخذ إما قيمة صفر أو واحد ، بينما الـ qubit يمكنه أن يكون صفر و واحد في الوقت نفسه ، إلى أن يخضع للقياس. فالقياس يُجبر أي نظام كمومي أن يأخذ حالة واحدة ، وهذا ما يلغي أهم ايجابياته. و.يُعتبر واحد من أهم العوائق في تطوير الحواسيب الكمومية لكن الباحثون يحاولون استكشاف طرق للالتفاف حول هذه المشكلة "التشويش المحلي" عن طريق مواد عازلة تبولوجياَ تحوي الكترونات ديراك.
الكترونات ديراك ، المسماة على اسم الفيزيائي الانكليزي الذي وصفها في معادلاته ، تقف ما بين الفيزياء الكلاسيكية والكميّة ، وإذا ما وُظّفت مع مواد أخرى يمكن أن ينتج نوع جديد من الـ qubits بإمكانه تغيير صفات المادة بطريقة يمكن قياسها بشكل غير مباشر ، أي دون أن يشعر الـ qubit بالقياس، وبالتالي يبقى في الحالتين معاً.
على الرغم من أن هذه التطبيقات مثيرة للاهتمام ، إلّا أن الباحثين هم الأكثر حماساً تجاه المفاهيم العلمية التي تم اكتشافها.يقول استاذ الفيزياء الفخري (جيم آلين) الذي درس مادة سداسي بوريد السماريوم لمدة ثلاثين عام : " في مجال العلم المفاهيم تخبرنا أن شيئاً ما يجب أن يكون إما هذا أوذاك، ولكن عندما تجده يتصرف بأكثر من طريقة فاعلم انّك وجدت شيئا مثيراً للبحث عنه. "
لقد اعتقد آلين لسنوات أن SmB6 عازل رديء يسلك سلوك المعادن في درجات الحرارة المنخفضة نتيجة للشوائب الموجودة فيه ، لكنّه لم يستطع أن يوفِق بين ذلك وبين باقي خواصه.
في 2010 قاد بروفيسور الفيزياء المساعد (كاي سون) مجموعة من الباحثين ، ووضعوا فرضيّة أن الـ SmB6 عازل تبولوجي، كما كان هو و آلين ضمن التجارب المهمّة التي جرت في جامعة ميتشيغان بقيادة بروفيسور الفيزياء (كاغليان كورداك) في عام 2012 والتي أثبتت صحة النظرية بطريقة غير مباشرة.يقول سون : " ولكن المجتمع العلمي مجتمع صارم، فهم بحاجة لأدلة دامغة . نعتقد أن هذه التجربة سوف تعطي الدليل المباشر لصحّة نظريتنا ".