بما أن الثقوب السوداء هي بقع الجاذبية الأقوى في الكون، فهل يمكنها تغيير مسار الضوء كثيراَ عن مداره الحقيقي؟
وكيف سيبدو الأمر إذا ما نجوت وتتبعتَ الضوء في رحلته حول ثقب أسود؟
ويتساءل أحد المشاهدين ويقول : هل يمكن أن يدور الضوء حول الثقب الأسود؟
تتبع هذه التجربة الفكرية:
•التفسير الأول لنيوتن: تخيل أن لديك مدفعا يمكنه إطلاق قذيفة لمسافة بعيدة، حينها ستنطلق الكرة نحو الهدف ومن ثم ترتطم بالتراب. أما إذا أطلقت القذيفة بقوة أكبر فإنها ستحلق لمسافة أطول قبل أن ترتطم بالأرض. أما إن أُطلقت القذيفة بقوة كافية متجاهلين هنا مقاومة الهواء فإنها ستدور حول الأرض، أي أن القذيفة ستتبع مداراً أثناء سقوطها باتجاه الأرض، لكن انحناء الأرض سيجعلها تسقط على طول الأفق.
لا ينطبق ذلك الأمر على المدافع ورواد الفضاء والأقمار الصناعية فقط، وإنما على الضوء أيضاً، وهي واحدة من أكبر الاكتشافات التي أدلى بها أينشتاين عن طبيعة الجاذبية. الجاذبية ليست عبارة عن قوة جذب بين الكتل وإنما هي في الواقع تشويه للزمكان، وعندما يكون الضوء في مجال جاذبية الأجسام الضخمة فإنه ينحني تبعاً لانحناء الزمكان.
تتسبب المجرات البعيدة والشمس وحتى الأرض بانحراف الضوء عن مساره وذلك بتشويهها للزمكان، لكن الجاذبية المذهلة للثقب الأسود هي من يستطيع جعل الزمكان على شكل عُقدْ. نعم، إن هنالك منطقة حول الثقب الأسود تفرض على الفوتونات أن تسير في مدار محدد، وهذه المنطقة تعرف بالمجال الفوتوني.
ومن مسافة بعيدة بما فيه الكفاية، يمكننا ملاحظة أن الثقوب السوداء تتصرف كأي جسم ضخم. فإذا قمت باستبدال الشمس بثقبٍ أسود له نفس حجمها، فإن الأرض ستستمر بالدوران في مدارها وبنفس الطريقة. لكن، كلما اقتربت أكثر من الثقب الأسود، كلما تسارعت الأجسام وانعطفت بسرعة أكبر حول هذا الجسم الضخم. أما المجال الفوتوني هو آخر مدار ثابت يمكن ملاحظته حول الثقب الأسود، ويمكن للضوء فقط التحرك في هذا الارتفاع.
تخيل أنك استطعت التواجد في المجال الفوتوني للثقب الأسود (لن تستطيع لذا لا تحاول)، مع ذلك يمكنك أن توجه ضوء الفلاش(flash light) باتجاه واحد ومن ثم سترى الضوء خلفك بعد أن أنجز دورة كاملة حول الثقب الأسود ، كما أنك في هذه المنطقة ستكون محاطا بإشعاع الفوتونات (photon captured) ، سيكون الضوء المرئي جميل لكن الإشعاعات السينية (x-ray) وغاما (gamma) ستكون كافية لطهيك كما لو كنت في فرن.
أسفل المجال الفوتوني (photon sphare) لن ترى سوى الظلام، وهنالك يتواجد أفق الحدث، وهو نقطة اللاعودة للضوء، أما أعلاه فستشاهد تحطم الكون بسبب الجاذبية الهائلة للثقب الأسود. وسترى كامل السماء بما في ذلك تلك النجوم المحجوبة جراء وجود الثقب الأسود.
سيكون مكاناً رائعاً وقاتلا في نفس الوقت، لكن كن متأكداً بأن كل شيء سيختفى داخل أفق الحدث (horizon event).