الاثنين، 20 أكتوبر 2014

القدرات الحاسوبية في المركز الأوروبي للأبحاث النووية CERN




هل سمعت يوماً بصادم الهادرونات الكبير LHC: Large Hadron Collider ؟ حسناً، وببساطة، فإن صادم الهادرونات الكبير هو أحد أعظم
الاختراعات التي أنتجتها البشرية على الإطلاق، فهو أكبر مُسرّع جسيمات Particles Accelerator تم بناؤه حتى الآن، ويمتد على دائرةٍ مُحيطها 27 كيلومتر، بعمقٍ أكثر من 100 متر تحت الأرض، وذلك بين الحدود السويسرية – الفرنسية.
يتبع صادم الهادرونات الكبير من حيث الإدارة للمَركز الأوروبي للأبحاث النووية CERN، وقد تم افتتاحه عام 2008 بغرض إجراء تجارب صدم الجُسيمات عند طاقاتٍ مُرتفعة جداً من رتبة مئات الغيغا الكترون فولط (التحدث الذي يجري حالياً رفع من طاقة المسرع لتصل لحوالي 8 تيرا الكترون فولط). الهدف من تجارب الصدم هذه هو كشف بُنية المادة في المستويات دون الذرية، ومحاولة الإجابة على العديد من الأسئلة الجوهرية في فيزياء الجُسيمات، مثل مَنشأ الكون، ومحاكاة الظروف الأولى للانفجار العظيم، وتجريب صحة النّظريات الفيزيائية السائدة، مثل نظرية النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات Standard Model of Particles Physics ونظرية الأوتار الفائقة Superstring Theory ونظرية التناظر الفائق Supersymmetry. نجح صادم الهادرونات حتى الآن في الإجابة عن سؤالٍ جوهري يتعلق بوجود جسيم بوزون-هيغز الأولي (والذي تنبأت به نظرية النموذج المعياري) وهو الجسيم الذي يفترض أنه أصل الكتلة ومنشأ كافة الجُسيمات الأخرى، وذلك من بين العديد من الاكتشافات الهامة التي ساهم بها.
ومن أجل تشغيل هذا الصرح العملاق، والتحكم به بدقة، ومراقبة نتائج عمليات الصدم عالية الطاقة التي تحدث به، لا يكفي وجود نخبة عُلماء الفيزياء حول العالم، فهم – ومع كل الاحترام والتقدير لعملهم – لن يستطيعوا بناء الأنظمة الحاسوبية المَسؤولة عن التّحكم والمُراقبة بكل نشاطات صادم الهادرونات الكبير وكواشفه الضخمة. هنا – وبشكلٍ قطعي – ستحتاج للمهندسين!
بدايةً، عليك أن تعرف أنه بكل ثانية يحدث ما يقارب 600 مليون عملية صدم بصادم الهادرونات الكبير عندما يكون بحالة عمل، وكل صدم من هذه التصادمات العديدة سيؤدي لتوليد جسيماتٍ جديدة، التي لا تلبث أن تتفكك بدورها إلى جسيماتٍ أخرى، بطرقٍ معقدة ومتنوعة. من أجل مراقبة هذه العمليات وتحليلها بدقة، تتولى العديد من الدارات الالكترونية المُتواجدة ضمن كواشف الصادم مسؤولية تسجيل مسار كل جُسيم ينتج من أحد التصادمات، وذلك على شكل سلسلة من الإشارات الالكترونية، ومن ثم يتم إرسال هذه المُعطيات إلى مركز المعطيات الخاصة بـ CERN، حيث يتم إجراء عملية إعادة بناء للإشارات المُلتقطة من أجل تحليل عملية الصدم الحاصلة ومعرفة ما نتج عنها. بالنسبة للفيزيائيين، فإنه يتوجب عليهم البحث والتدقيق ضمن معطياتٍ يبلغ حجمها 30 بيتا بايت يتم توليدها بشكلٍ سنوي من نتائج التصادمات الحاصلة بصادم الهادرونات الكبير، وذلك بهدف معرفة فيما إذا كان هنالك أية معلومات جديدة تكشف حقائق أو اكتشافات فيزيائية هامة.
بما أن استعراض الأنظمة التحكمية والالكترونية التي تقوم بضبط كافة أجزاء هذا الصرح العملاق عديدة ومتنوعة، فإننا سنركز عبر هذا المقال على الأنظمة الحاسوبية الخاصة بمعالجة المعطيات الناتجة عن تجارب الصدم التي تحصل ضمن صادم الهادرونات الكبير.
لا يمتلك المركز الأوروبي للأبحاث النووية القدرة الحاسوبية أو المالية اللازمة من أجل استيعاب كافة هذه المعطيات التي يتم الحصول عليها، ومن أجل ذلك، فإن المركز قد تحول في العام 2002 للحوسبة الشبكية Grid Computing من أجل مشاركة العبء المُلقى عليه مع مراكز المعالجة الحاسوبية حول العالم، وهو ما أدى لتشكيل الشبكة الحاسوبية العالمية لصادم الهادرونات الكبير WorldWide LHC Computing Grid، والتي تُقدّم لمجتمعٍٍ من الفيزيائيين يُقدّر حجمه بحوالي 8000 فيزيائي حول العالم إمكانية الوصول وبالزمن الحقيقي لمُعطيات صادم الهادرونات الكبير. تم بناء الشبكة اعتماداً على الشبكة العنكبوتية العالمية World Wide Web والتي تم اختراعها أساساً في CERN عام 1989.
يتوضع مُخدّم المعلومات الأساسي لـ CERN ضمن الغرفة الأساسية لمركز مُعالجة المعطيات وهو يشكل الطبقة “صفر Tier 0″، كما أنه نقطة التواصل الأولى بين المُعطيات التجريبية الناتجة عن عمل صادم الهادورنات الكبير والشبكة الحاسوبية العالمية. يتضمن مركز معالجة المعطيات أنظمةً بالغة الأهمية من أجل مراقبة سير العمل والوظائف بدقةٍ وكفاءة ضمن المخابر التابعة لـ CERN. تخضع مخدمات الشبكات حالياً لعمليات صيانة وتحديث من أجل التأكد أنها ستكون قادرة على العمل في بعض الحالات أو الحوادث السيئة، مثل توقف التغذية الكهربائية.
ببداية عام 2013، تم زيادة طاقة مركز معالجة المعطيات من 2.9 ميغا واط إلى 3.5 ميغا واط، مما سمح بإضافة العديد من الحواسيب، وعلى صعيدٍ آخر، فإن التحسينات التي تم إجراؤها بمجال كفاءة استخدام الطاقة خلال عام 2011 قد ساهمت بتوفير حوالي 4.5 غيغا واط ساعي كل عام.
وفي جهدٍ تعاوني جديد يهدف لتلبية زيادة الطلب على القدرة الحاسوبية في CERN، تم افتتاح مركز ويغنر البحثي للفيزياء في بودابست، هنغاريا، كتوسعة لمركز معالجة المعطيات الخاص بـ CERN. يعمل مركز ويغنر بشكلٍ مشابه لعمل الطبقة صفر الموجودة ضمن مركز معالجة المعطيات، ولكن عن بعد، وهو يتضمن تجهيزاتٍ خاصة بـ CERN تهدف لزيادة قدرة الشبكة الحاسوبية العالمية على أداء مهام معالجة المعلومات والمعطيات. يؤمن مركز ويغنر استمراريةً للعمل في حال حدوث أي طارئ ضمن مركز معالجة المعلومات الأساسي لـ CERN والذي يقع في ميرين، سويسرا.
بالنسبة لمركز معالجة المعطيات الأساسي لـ CERN في ميرين بسويسرا، فإنه يؤمن قدرة تخزينية سعتها 45 بيتا بايت للمعطيات، وهو يتضمن القسم الأعظم من المعالجات الحاسوبية التابعة لـ CERN والتي يبلغ عددها 100000 نواة معالجة. سيؤمن مركز ويغنر الجديد توسعةً لهذه القدرات بحوالي 20000 نواة معالجة إضافية وقدرة تخزينية قدرها 5.5 بيتا بايت، ومن المتوقع أن يتم مضاعفة هذه الأرقام بعد 3 سنوات من الآن.
يقوم مركز معالجة المعطيات بمعالجة حوالي 1 بيتا بايت من المعطيات كل يوم، وهو ما يعادل حوالي 210000 فيلم من نمط DVD. يتضمن المركز 11000 مخدم وأكثر من 100000 نواة معالجة، ويحدث حوالي 6000 عملية تبديل لقواعد المعطيات كل ثانية.
تقوم الشبكة الحاسوبية العالمية بحوالي مليوني وظيفة في اليوم، وعند نقاط الذروة، فإن ما يعادل 10 غيغا بايت من المعطيات يتم تبادله عبر المخدمات التابعة للشبكة في كل ثانية.

المصدر: 4electron
التعليقات
2 التعليقات

2 التعليقات:

Unknown يقول...

هذه المنظمه راح تسيطر على العالم مستقبلآ

Unknown يقول...

هذه المنظمه راح تسيطر على العالم مستقبلآ