اكتشف فلكيون باستخدام بيانات قادمة من ثلاث تلسكوبات تابعة لناسا: هابل، و سبيتزر و كبلر، سماوات صافية و بخار الماء
على كوكب غازي موجود خارج مجموعتنا الشمسية.
و يبلغ حجم هذا الكوكب نفس حجم نبتون تقريبا، ما يجعله أصغر كوكب تم اكتشاف أي جزيئات فيه من أي نوع كانت.
يعبر John Grunsfeld، نائب مدير إدارة المهام العلمية في ناسا في العاصمة واشنطن، عن مدى أهمية هذا الاكتشاف و يقول: "إن هذا الاكتشاف يعد خطوة مهمة جدا على طريق سيقودنا في النهاية إلى تحليل التركيب الجوي للكواكب الصخرية الأصغر من الأرض.
فمثل هذا الإنجاز أصبح ممكنا اليوم فقط بفضل وجود كل تلك القدرات المجتمعة للمراصد القوية و الفريدة التي لدينا".
يُمكن أن تحجب السحب الموجودة على الغلاف الجوي لكوكب ما المشهد الخاص بالجزيئات الموجودة أسفلها، و التي يُمكن أن تكشف معلومات حول تركيب الكوكب و تاريخه.
إن اكتشاف سماوات صافية على كوكب بحجم نبتون يعد إشارة جيدة إلى إمكانية إيجاد هذه الإشارات على الكواكب الأصغر.
يقول Jonathan Fraine، من جامعة ميريلاند في كوليدج بارك و هو المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة التي ظهرت في ناتشر و هو سعيد بهذا التقدم: " يتداول الفلكيون الذي يرصدون ليلا باستخدام التلسكوبات، عبارة "سماء صافية" و هي ما يعني حظاً جيداً. و في هذه الحالة، وجدنا سماوات صافية على كوكب بعيد. لذا فنحن محظوظون أيضا بخصوص هذا الأمر لأنه يعني أن السحب لن تقوم بحجب مشهد جزيئات الماء".
يدور الكوكب HAT-P-11b، المصنف على أنه نبتون خارجي (exo-Neptune)، أي كوكب بحجم نبتون -حول النجم HAT-P-11.
يقع هذا النجم على بعد 120 سنة ضوئية منا، في كوكبة الدجاجة.
و يدور هذا الكوكب عند مسافة أقرب لنجمه مقارنة مع الحالة الخاصة بنبتون في نظامنا الشمسي، ما يجعله مختبرا رغم أنه لا يكون متاحا سوى كل خمس سنوات. يعد هذا الكوكب عبارة عن عالم دافئ، و يُعتقد بأن له قلبا صخريا و غلافا جويا غازيا. و إلى الآن، فنحن لا نعرف المزيد عن هذا الكوكب ولا عن تركيبه، أو عن كواكب نبتون الخارجية المشابهة له.
يُعتبر الحجم أحد التحديات التي تواجه عملية تحليل الأغلفة الجوية للكواكب المشابهة لهذا الكوكب. فمن الأسهل القيام بتحليل الكواكب الأكبر المشابهة للمشتري و مشاهدتها لأن ضخامة قياس أغلفتها الجوية النسبية تجعل من ذلك الأمر أكثر سهولة.
و قد كشف الباحثون عن بخار الماء في هذه الكواكب. أما الكواكب الأصغر حجما، و التي تم رصدها سابقا فتدل على أنه من الصعب جدا رسبرها لكونها ضبابية.
في الدراسة الجديدة، نظر الفلكيون إلى الغلاف الجوي HAT-P-11b، دون أدنى معرفة عما إن كان طقس هذا الكوكب سيجلب السحب أم لا. و قد استخدموا من أجل ذلك الكاميرا واسعة الحقل 3 الموجودة على متن تلسكوب هابل الفضائي، و أداة تُعرف بالمحلل الطيفي الانتقالي، الذي باستخدامه يتم رصد كوكب ما خلال عبوره أمام نجمه الأم. حيث تقوم مرشحات الضوء النجمي القادم عبر الغلاف الجوي للكوكب، في حالة وجود بخار الماء، بامتصاص بعض الضوء النجمي، مما يترك إشارات مميزة على الضوء الذي يصل إلى تلسكوباتنا.
باستخدام هذه الاستراتيجية، كان هابل قادرا على كشف بخار الماء في HAT-P-11b. لكن قبل أن يتمكن الفريق من الاحتفال بالسماوات الصافية على نبتون الخارجي، كان عليهم البرهنة على أن مصدر بخار الماء ليس البقع النجمية
-البقع الأكثر برودة على وجه النجم. فالبقع النجمية الباردة الموجودة على النجم الأم يمكن أن تحتوي على بخار الماء، الذي قد يفسر بشكل خاطئ على أنه قد تشكل كنتيجة للكوكب.
انتقل الفريق إلى كبلر و سبيتزر. حيث راقب كبلر جزءا من السماء لسنوات عديدة، و حصل أن HAT-P-11b موجود أيضا في حقل رؤيته. و تم جمع هذه البيانات البصرية مع مراقبات سبيتزر التي تم التقاطها بالاعتماد على الأطوال الموجية تحت الحمراء.
و من خلال مقارنة تلك المراقبات، برهن الفلكيون على أن البقع النجمية كانت ساخنة إلى درجة لا يُمكن معها أن تملك أي بخار. و عند التوصل إلى هذه النتيجة، احتفل الفريق باكتشاف بخار الماء فوق عالم لا يُشابه أي كوكب موجود في نظامنا الشمسي.
فهذا الاكتشاف يوضح أن الكوكب لا يملك سحب تقوم بحجب المشهد، و هي إشارة تحمل آمالا بوجود كواكب أكثر غير ضبابية يُمكن تحديدها و تحليلها في المستقبل.
يقول Heather Knutson، المؤلف المشارك في الدراسة من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا: "نعتقد أن الكواكب النبتونية الخارجية تمتلك تركيبات محتملة متنوعة، الأمر الذي يعكس حقيقة تشكلها و تاريخها. و حاليا، مع بيانات مثل هذه، يُمكننا البدء بتضييق مجال البحث عن أصل مثل هذه العوالم البعيدة".
تبرهن النتائج القادمة من التلسكوبات الثلاث على أن HAT-P-11b مغطى ببخار الماء، و غاز الهيدروجين، و من المرجح وجود جزيئات أخرى تنتظر التحديد. سيقوم النظريون بوضع نماذج جديدة من أجل تفسير و شرح تركيب الكوكب و أصوله.
يقول Drake Deming، المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة ميريلاند: "نقوم بالعمل من الأعلى إلى الأسفل، انطلاقا من المشتريات الحارة، وصولا إلى الكواكب النبتونية الخارجية. فنحن نريد أن نوسع معرفتنا المتعلقة بمجال تنوع الكواكب الخارجية".
يُخطط الفلكيون لفحص المزيد من الكواكب النبتونية الخارجية في المستقبل، و يأملون لو ينجح تطبيق الطريقة نفسها على الأراضي الفائقة، التي تعد الأقارب الصخرية لعالمنا الوطن و المتميزة بكتلة تبلغ عشرة أضعاف كتلة الأرض. على الرغم من عدم احتواء نظامنا الشمسي على أرض عملاقة، إلا أن مهمة كبلر-ناسا تكتشفها و هي تدور حول نجوم أخرى.
سيبحث تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي من المقرر إطلاقه في عام 2018، عن الأراضي العملاقة بغية إيجاد إشارات عن بخار الماء و الجزيئات الأخرى. فإيجاد إشارات تدل على محيطات و عوالم من المحتمل أن تكون مأهولة أمر لازال يعتبر بعيد المنال حتى الآن.
يقول Knutson: "إن العمل الذي نقوم به الآن مهم من أجل الدراسات المستقبلية للأراضي العملاقة، و حتى من أجل الكواكب الأصغر. لأننا نريد أن نكون قادرين على رصد الكواكب بدقة كبيرة، و أعني تلك الكواكب التي تمتلك أغلفة جوية صافية تُمكننا من الكشف عن الجزيئات".
و مازال الأمل يراود الفلكيين ليجدوا سماوات صافية على كواكب أخرى.
المصدر : ناسا بالعربي- NASA In Arabic
المترجم:همام بيطار .
المدقق:زينب اوزيان .
مراجعة الترجمة والتدقيق: مي الشاهد.