الاثنين، 3 نوفمبر 2014

الاجسام الاكثر سطوعاً بالكون




ما هو الشيء الأكثر سطوعاً بالكون؟ ربما قد تكونوا قد سألتم أنفسكم هذا السؤال يوماً ما، وقد تكون قد خطرت ببالكم بعض الأجوبة المتعلقة بالنجوم، أو المجرات، أو المذنبات، وربما حتى العناقيد المجرية الكبيرة، فهي أجسام فلكية ضخمة تضم أعداداً هائلة من النجوم التي ستصدر ضوءاً بشدةٍ عالية...صحيح؟


ما رأيكم بالـ "كوازار Quasar" ؟ هل سمعتم يوماً بها؟ تريدون التعرف عليها؟ ممتاز، هذا المقال سيسلط الضوء بشكلٍ مختصر وبسيط على الكوازارات. لو أردنا بالبداية أن نقوم بتعريف الكوازارات، سنقول أنها عبارة عن الأجسام الفلكية الأكثر سطوعاً في الكون، لدرجة أنها تقوم بطمس ملامح المجرات القديمة التي تحتضنها، ويتم تغذيتها اعتماداً على ثقوب سوداء فائقة الكتلة Supermassive Black Holes، وأكبر من كتلة شمسنا بمليارات المرات. الكوازارات أسرت علماء الفلك وجذبت انتباههم بشكلٍ كبير منذ أن تم اكتشافها منذ حوالي نصف قرن.

في ثلاثينيات القرن الماضي، اكتشف كارل يانسكي Karl Jansky - فيزيائي يعمل بمختبرات بيل - أن سبب التداخل الساكن Static Interference الذي يحصل على خط الهاتف العابر للمحيط الأطلسي سببه مجرة درب التبانة. بحلول الخمسينيات من القرن الماضي، بدأ علماء الفلك باستخدام التلسكوبات الراديوية من أجل مسح السماء، ومطابقة الإشارات التي يحصلوا عليها مع المشاهدات البصرية المباشرة.

بكل الأحوال، فإن بعض الأجسام صغيرة الحجم لم يتمكنوا من مطابقتها. أطلق علماء الفلك على هذه الأجسام " المنابع الراديوية الفلكية الظاهرية Quasi-Stellar-Radio Sources" أو اختصاراً "كوازار Quasar"، وذلك لأن الإشارة تأتي من مصدرٍ واحد، مثل النجوم. مع الأسف، فإن إطلاق الاسم لم يقدم أية فائدة بتحديد ماهية هذه الأجسام. تطلب الأمر سنواتٍ عديدة من أجل إدراك أن هذه البقع البعيدة - والتي بدت وكأنها نجوم - قد تم إنشاؤها عبر جسيماتٍ مسرعة لحدود تقريباً تساوي سرعة الضوء.

نفاثات بسرعة الضوء Light-Speed Jets
يشتبه العلماء في الوقت الحالي بأن الإشارات النقطية الصغيرة المسجلة من الفضاء، هي فعلياً عبارة عن إشارات من نواة مجرية جديدة تقوم بإنارة مجرتها المضيفة. تعيش الكوازارات ضمن المجرات التي تضم ثقوباً سوداء فائقة الكتلة فقط.

على الرغم من أن الضوء لا يستطيع الإفلات من الثقب الأسود نفسه، إلا أن بعض الإشارات تستطيع أن تتخطى حدود الثقب الأسود. وفي حين يتم سحب الغبار والغاز إلى داخل الثقب الأسود، تتسارع جسيمات أخرى بعيداً عنه بسرعة تقارب سرعة الضوء، هذا السيل من الجسيمات المنبعثة من الثقوب السوداء سيشكل نفاثاتٍ فوق وتحت الثقب الأسود، حيث يتم نقلها عبر واحد من أقوى مسرعات الجسيمات الموجودة في الكون كله.

معظم الكوازارات التي وجدت تبعد عنا مليارات السنين الضوئية، وبما أنها تستغرق زمناً طويلاً جداً كي تصل إلينا، فإن دراسة مثل هكذا أجسام فلكية هو أمرٌ مشابه تماماً لآلة الزمن: نحن نرى هذه الأجسام بالحالة التي خرج الضوء منها، أي أننا نشاهد حالتها منذ مليارات السنين. بالتالي، فكلما شاهد العلماء مسافاتٍ أعمق في الفضاء، كلما نظروا أكثر للزمان القديم. وحسب التقديرات، فإن أكثر من 2000 كوازار من الكوازارات التي تم تسجيلها، توجد في المرحلة الأولى من حياة المجرة المستضيفة لها. بالنسبة لمجراتٍ مثل درب التبانة، فإنها قد تكون يوماً ما قد استضافت كوازار والذي أصبح هادئاً فيما بعد.

تقوم الكوازارات بإصدار طاقات هائلة من رتبة مليون، مليار، وربما ترليون الكترون فولط، وهذا المعدل الطاقي الهائل، يتجاوز شدة الطاقة الضوئية لكامل نجوم مجرة واحدة. بالمحصلة، فإن الكوزارات - الأجسام الأشد سطوعاً بالكون - تمتلك شدة إشعاعية تتراوح ما بين 10 إلى 100000 من شدة إشعاع مجرة درب التبانة.

شجرة العائلة Family Tree
تنتمي الكوازارات لأحد التصنيفات الفلكية المعروف بـ" النواة المجرية النشطة AGN: Active Galactic Nuclei". الأجسام الأخرى المنتمية تحت نفس التصنيف تضم "البلازارات Blazars" و "مجرات سيفرت Seyfert Galaxies". بكل الأحوال، كافة الأجسام التي تقع ضمن هذه التصنيفات تتطلب شرطاً أساسياً مشتركاً: وجود ثقب أسود فائق الكتلة.

مجرات سيفرت هي أحد أشكال النواة المجرية النشطة، إلا أنها أقل طاقةً، حيث تقدر الطاقة التي تقوم بإصدارها بحوالي 100 كيلو الكترون فولط. بالنسبة للبلازارات، فهي وبشكلٍ مشابه للكوازارات - قريبتها - تقوم بإصدار معدلاتٍ مرتفعة جداً من الطاقة.

يظن حالياً العديد من العلماء أن الأجسام الثلاثة التي تشكل تصنيف "النواة المجرية النشطة" هي في الواقع جسم واحد، ولكن من مشاهدٍ مختلفة. ففي حين يبدو أن النفاثة الخاصة بالكوازار تتدفق بزاويةً مشابهة لزاوية ميلان محور الأرض، يبدو أن النفاثة الخاصة بالبلازار تتدفق باتجاه كوكب الأرض. بالنسبة لمجرات سيفرت، وعلى الرغم من عدم تسجيل العلماء لظهور أية نفاثة جسيمات خاصة بها، إلا أن البعض يظن أن النفاثة قد تكون متجهة بالاتجاه الآخر الذي لا نستطيع رؤيته وتسجيله .

المصدر : الفيزيائيون The Physicists
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: