يُمكن لعُلماء الوراثة التَلاعُب بجينوم العديد من الكائنات، تبدأ عندما يكون الجنين بِخلية الواحدة. وعندما يُصبح الكائن الحي أكثر تطوراً، يُصبح من الصعب إجراء تلك التغييرات. تَمنع هذه الصعوبة العلماء من إستبدال أشكال مُختلفة من الجينات المُسببة للأمراض بِنُسخ صحية كوسيلة لمعالجة الإضطرابات الوراثية. قادَ ديفيد ليو (David Liu) من جامعة هارفرد (Harvard University) فريقاً من الباحثين لتطوير تقنية قادرة على إستخدام بروتينات مُتخصصة لتَعديل جينوم حيونات حيّة. وقد نُشرت الورقة البحثية في مجلة نيجر بايوتكنولوجي (Nature Biotechnology).
أوضح ليو في بيان صحفي: « العقاقير الحالية التي تُعالج الأمراض الوراثية لا يُمكنها معالجة السبب الجذري للمرض». وقال: «خلافاً للأمراض المُعدية، على سبيل المثال تلك التي نُعاملها بقتل العامل المُسبب للمرض، في حالة الأمرض التي تأتي من طفراتنا الوراثية، علينا الذهاب إلى الخلايا والقيّام بجراحة لجينوماتنا لإصلاح السبب الجذري. بِفضل الإكتشافات الحديثة من قِبل العُلماء في جميع أنحاء العالم. لدينا الآن بروتينات مُعدِلة للجينوم بإستطاعتِها عمل الجراحة. ولكن التحدي هو أن هذه البروتينات، كَكُل البروتينات العملية، لاتَدخل الخلايا بطريقة عفوية».
الطُرق السابقة للحصول على بروتينات مُعدِلة للجينات داخل الخلايا تَعتمد على نسبة الجُسيمات الشحمية الموجبة (Cationic Lipids). وهي جُزيئات طاردة للماء ذات شُحنة موجبة واحدة طرفية. بعد أن تنجذب البروتينات إلى الجُزيئات سالبة الشحنة على سطح خلايا بعض الثديات فإنها تتجه إلى الداخل بواسطة فقاعات صغيرة مَعروفة بإسم الإندوسومات (Endosomes).
«الصعوبة الرئيسية، والتي عُرِفت مُنذ عقود، هي إن الحصول على شُحنات من الإندوسومات أمر صعب جداً» وتابع ليو: «الكفاءة التي من خِلالها ينفلت البروتين عن الإندوسوم من تلقاء نفسهُ مُنخفضة جداً- ورُبما مُنخفضة لحد واحد من المليون تحت الظروف الإعتيادية». نظرياً، البروتينات عالقة.
الطريقة الجديدة التي إبتكرها فريق ليو تأخذ نهجاً مُعاكساً. بإستخدام بروتينات ذات شُحنة سالبة عالية، على غرار الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين والحمض النووي الريبوزي (DNA,RNA). ثُم يتم وضع هذه البروتينات داخل كُرة تُسمى حويصلة (Liposome) المُرتبطة بسطح الخلية. تدخل البروتينات إلى الخلية مُباشرةً عن طريق الحويصلة، أو تُحمل الوحدة بأكملها إلى الداخل مع الإندوسوم، تماماً كالطرق التقليدية. الفرق هو إن الحويصلة تندمج مع الإندوسوم سامحةً للبروتينات الداخلية بالهروب إلى داخل الخلية.
تم تصميم هذه البروتينات لتعمل فقط لفترة قصيرة من الزمن. هذا يُقلل خطر التغيير الإضافي التي تُسببهُ للجينوم وإحتمالية التسبب بالمشاكل عندما يتم تعديل الجين المُستهدف.
وأضاف ليو: «نحنُ نأمل إن هذا النهج في تسليم البروتين يُساعد على ربط مكان الجينوم الذي يتم تعديلهُ الآن بالمكان المُراد أن يكون فيهِ من أجل إدراك الإمكانيات العلاجية لهذه البروتينات لمعالجة الأمراض الوراثية».
هذه البروتينات- مثل جميع النواقل غير الفيروسية – لايُمكن إستخدامها لمعالجة جميع أنواع الحالات. ولكن يُمكن إستخدامها على تلك التي تؤثر على الدم والعضلات والعيون، والأذان، التي قرر فريق ليو مهاجمتهُا أولاً. يُمكن أن تُتلف الشعيرات في الأذن الداخلية، التي تحني وتحول الموجات الصوتية إلى نبضات يُميزها الدماغ كإشارات سمعية، يُمكن أن تتلف خلال التعرض المُفرط للضوضاء صاخبة أو نتيجة لأسباب وراثية. إستهدفها الفريق بنجاح وعُدِلت جينات داخل الأذن الداخلية لفئران حية. جاعلةً إيها واعدة تماماً بأن هذه التقنية يُمكن أن تُستخدم لعلاج إضطرابات جينية مُعينة في المُستقبل.
المصدر