الأحد، 14 ديسمبر 2014

ماهي البوزونات؟

حقوق الصورة: deviantart by Jan Robbe

هناك أربع قوى اساسية في الكون:الجاذبية،اإلكترومغناطيسية،القوة النووية الضعيفة،القوة النووية الشديدة. لا تنتقل هذه القوى من جسيم لآخر بشكل آني بما أنه من المستحيل أن ينتقيل شيء أسرع من الضوء حسب النسبية الخاصة. لذلك تنتشر هذه القوى في الفراغ عبر ما يسمى بالحقول.

تقترح ميكانيك الكم أنه يمكن تمثيل هذه الحقول على أنها جسيمات ندعوها البوزونات.لذلك تدعى البوزونات احيانا "جسيمات القوى" أو "حاملات القوى"،فبتبادل هذه الجسيمات بين الكترونين مثلا نقول أن هذان الالكترونان يؤثران ببعضهما بالقوة الكهرومغناطيسية وينطبق هذا الوصف بشكل عام على بقية القوى الأساسية حتى الجاذبية نفسها ولو أن "تكميم" حقل الجاذبية ضمن جسيمات هو أمر لم يتم بعد نظرياً.

في فيزياء الجسيمات يتم وصف السلوك الأجمالي لهذه الجسيمات من خلال ما يسمى إحصاء "بوز-أينشتاين". وخلافاً للفيرميونات التي تمتلك عزماً ذاتيا (Spin) يساوي نصف عدد فردي تملك البوزونات عزماً ذاتياً تساوي قيمته عدداً صحيحاً:(1،0،-1،-2...).
وتسمية "البوزونات" وضعها الفيزيائي بول ديراك نسبة للفيزيائي الهندي (ساتيندرا ناث بوز) والذي وضع مع آينشتاين إحصاء بوز-آينشتاين الذي يصف الخواص المميزة لهذه الجسيمات

بوز اقترح هذه الطريقة أول مرة في بحث في عام 1924 في محاولة لتحليل خواص الفوتونات ثم ارسلها الى أينشتاين لينشرها. ثم وسع استنتاج بوز لكي لا يقتصر على الفوتونات فقط بل يمتد ليشمل بعض الذرات التي تملك عزم لف كلي يساوي عدداً صحيحاً أيضاً.
أحد أكثر نتائج إحصاء بوز-أينشتاين إثارة هو أنه يمكن للبوزونات أن "تندمج" مع بعضها في حالة كمومية واحدة مشتركة لجميع هذه البوزونات. لهذا السبب مثلاً يمكن للفوتونات أن تشكل شعاع ليزر،و تستطيع بعض المواد تكوين ما يسمى بكثافة بوز-أينشتاين.
أما البوزونات التي تسمى "حاملات القوى" والتي تنتقل عبرها القوى الأساسية (عدا الجاذبية) كما ذكرنا فلا تتالف من أي جسيمات أخرى وتمييزا لها تدعى بالبوزونات العيارية الاربعة تملك عزم لف ذاتي(سبين) يساوي الـ(1) و قد رصد جميع هذه الجسيمات تجريبياً:

1-الفوتون:أو حامل القوة الكهرومغناطيسية ،كلما تفاعلت الجسيمات المشحونة مع بعضها يتم تبادل الفوتونات ويمكننا القول أن معظم نفعله في حياتنا يعتمد على تبادل الفوتونات،إنه ببساطة "كمات" صغيرة من الطاقة الكهرومغناطيسة.
2- الغلوونات: يتوسط تفاعلات القوى النووية القوية حيث تربط الكواركات ببعضها لتشكل البروتونات و النيوترونات و أيضا يضم البروتونات و النيوترونات مع بعضها في نواة الذرة.
3-بوزون W: و هو أحد نوعي البوزونات العيارية التي تتوسط القوى النوية الضعيفة تم اكتشافه عام 1983،و هو مشحون كهربائيا و يقوم بتغيير تركيب الجسيم بحد ذاته حيث يحول البروتونات إلى نيوترونات و بالعكس عن طريق القوى الضعيفة سامحا بحدوث تفاعلات الاندماج و جاعلا النجوم تستمر في الاشتعال.
4- بوزون Z: و هو أحد نوعي البوزونات العيارية التي تتوسط القوى النوية الضعيفة لكنه معتدل كهربائيا. 

و بالإضافة لما ذكر سابقا هناك بوزونات متوقعة و لكنها لا تزال بدون دليل تجريبي واضح (بعد):

-بوزون هيغز:بحسب النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات فإن بوزون هيغز يمثل حقلاً منتشراً في كل مكان هو حقل هيغز. هذا الحقل مسؤول عن وجود كتلة في بعض الجسيمات المادية. في الرابع من تموز عام 2012 أعلن العلماء في مصادم الهادرونات الكبير اكتشافهم لجسيم يشبه في صفاته بوزون هيغز،لا تزال الاختبارات جارية للتعرف أكثر على مواصفات الجسيم بشكل افضل. وقد أُكد لاحقا أنيعتقد أن عزم اللف الذاتي لهذا الجسيم يساوي الـ (0) و لهذا يصنف على أنه بوزون.
- الغرافيتون: و هو جزيء نظري لم يتم بعد رصده تجريبيا،حيث أن القوى الأساسية تم تفسيرها من خلال البوزونات العيارية،و قد كان هذا الجزيء محاولة طبيعية لتفسير الجاذبية(القوة الرابعة) بنفس الطريقة و من هذه المحاولة نتج جسيم الغرافيتون الذي يتوقع أنه يملك عزم لف ذاتي تساوي قيمته الـ(2)،و يتوقع أن عدم قدرتنا على رصد هذا البوزون بعد تأتي من أنه ليس مقيد بشروط الزمان و المكان التي نختبرها.
-البوزونات المركبة: بعض البوزونات تتكون عند اجتماع جسيمين أو أكثر لتشكيل جزيء ذو عزم لف ذاتي قيمته تساوي عدد صحيح مثل:
-الميزونات: يتشكل الميزون عند اجتماع اثنان من الكواركات مع بعضها،بما ان الكواركات هي من الفيرميونات و لديها عزم لف ذاتي يساوي قيمة نصف صحيح فإنهما إذا اجتمعا فسيكون عزم اللف الذاتي (السبين) للجزيء الناتج(و هو مجموع السبين للجزيئين المجتمعين) سيكون عددا صحيحا،مما يجعل الجزيء الناتج بوزوناً.
-ذرة الهيليوم-4: هذه الذرة تحوي على بروتونين و إلكترونين و نيوترونين،و إذا تم جمع كل عزم اللف الذاتي الخاص بهم ستحصل على عدد صحيح، و منه فإنها بوزون. لذلك فمن الخواص المثيرة للهيليوم-4 أنه يتحول إلى سائل-فائق (يسيل دون أي مقاومة أو لزوجة) عند تبريده إلى درجات حرارة منخفضة جدا مما يشكل مثالا رائعا على إحصاء بوز-أينشتاين بشكل عملي.

إذا كنت قد تابعت الرياضيات البسيطة فإنك ستلاحظ أن أي جزيء مركب مكون من عدد زوجي من الفيرميونات سيشكل بوزون،لأن مجموع عدد زوجي من الاعداد التي قيمتها نصف صحيحة سيشكل دوما عدد صحيح بالنسبة لقيمة السبين.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: